ليس من وظيفة كاتب الحرف التنكيد على خلق الله وإحباطهم، بمقالاتٍ وكتابات تفيض بالسواد!!. كانت أيام العيد تعبر هادئة وخفيفة، كغيمة أبحث فيها عن سلام جديد في زماني، وكان الزمان معي، لكن ثالث أيام العيد أصبح عقابًا أليمًا، وخزينة ذكريات حزينة لي، كلما أتذكر تفاصيل تلك الصورة التي وصلتني من أحد الأصدقاء، شعيرات جسمي تنتصب، الصورة وهو يُودِّع أمه في المشفى وبرفقة الصورة عبارة: (أروح لمين بعدها). كانت الكلمات تتلاشى في الروح، وتتعثر في الانفعالات، وكنت أنظر إلى أفق مغلق.. رحت أتأمل صورة الوداع التي وصلتني.. نفس الفقدان الذي مررنا به.. نفس الوجوه الراضية المرضية بما قدر الله. هاتفته، وأنا في طريقي للمطار لتقديم العزاء قبل مغادرتي، فكان ينوح، أوقف البكاء كأنه كان يبحث عن الفراق أثناء الوداع الأخير، ليعود يُردِّد عبارة: (أروح لمين بعدها).. فتمتمتُ مع نفسي: "خدعونا بقولهم الرجال لا يبكون"، كان السائق الذي يقلّني للمطار يُثرثر وكنت أستمع بصمت لحكاياته والسيارة تمضي، الهواء اللطيف يلج من الفتحات البسيطة، وتمر عيناي على زهور أجهل أسماءها، ومربعات شقق مضاءة تنير فضاء تلك المدينة فتزيدها سحرًا.. والضوء الكثيف يتهاوى من غروبها؛ والذي يختفي بسرعة كعصفور يغادر قفصه خلسة، وتسمّرت عيناي على سقف السيارة ككاميرا سينمائية تركها مُصوِّر، لتُحدِّق وحدها في اللاشيء، مُردِّدة: يسألونك بعد ذلك، هل الرجال يبكون؟! قل لهم يا سيّدي ودون خوف أو وجل، اسألوا إنسان فَقَد أُمّه في أيام عيد هذا العام!. A.natto@myi2i.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (77) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain