×
محافظة المنطقة الشرقية

جهات حكومية تواصل أعمالها في خدمة الحجيج

صورة الخبر

تبدو «قوات حماية الشعب» الكردية YPG وحيدة في معركتها المستعرة ضد مقاتلي «داعش» في منطقة كوباني، ذات الغالبية الكردية. إذ لا يُعرف إن كانت معركتها جزءاً من معركة قوات التحالف ضد هذا التنظيم أم لا، ولا تُدرك ماهية شبكة علاقاته العسكرية والسياسية مع بقايا النظام السوري في تلك المنطقة. كذلك لا يمكن التقدير حول مستقبل العلاقة التي يمكن أن تُنسج بين هذه القوات وأي حضور عسكري تركي هناك، أو حتى أي فصيل كردي آخر قد يتكون مستقبلاً. تبدو قوات الـ YPG وحيدة، وكأنها في مغامرة سياسية وعسكرية أكبر من حجمها بكثير. بدأت مغامرة هذا الطرف السياسي الموالي لحزب العمال الكردستاني، منذ الشهور الأولى لبدء الثورة، حينما حرص موالوه على مسار سياسي غير متطابق مع أي من طرفي «التصارع» السياسي السوري، وليس حتى مع المتن الأوسع من خيارات الحركة السياسية الكردية السورية نفسها. وقتها سعى الرأس السياسي المركزي لهذا الحزب أن تكون المسألة السورية مجرد عتبة وبوابة لتمتين أداوت صراعه المفتوح مع الدولة التركية، غير مكترث البتة بتفاصيل المسألة السورية وجنوح الغالبية المطلقة من السوريين لنيل قدر وفير من الحريات السياسية والمدنية. لم يبال أيضاً بالخيارات الموضوعية، وإن كانت متواضعة، للحركة السياسية الكردية السورية، التي تمتد تجربتها السياسية لأكثر من نصف قرن من النضال السياسي «المدني» وقد باتت جزءاً مركزيا من عموم الحراك السياسي السوري المعارض، منذ قرابة العقدين. تعمقت مغامرة هذا الفصيل السياسي بتفاهماته المبهمة مع طرف قلق في المسألة السورية (النظام السوري) الذي خوله السيطرة على سهوب واسعة من جغرافيا الشمال، ذات الغالبية الكردية المطلقة. وقد سيطر على تلك الجغرافيا من دون أي اعتراف معلن، واستمر من دون مؤسسات وبلا أية صيغة، وهكذا بقي كل ما بناه هذا التنظيم السياسي في تلك المناطق مبهماً: مجرد أشكال من الهيمنة العسكرية والمجتمعية، وكُتل هلامية من المؤسسات التشريعية والمدنية والاقتصادية فضفاضة وشكلية لا طائل منها. في طريقه ذاك، رفض هذا الحزب كل حضور أو شراكة حقيقية مع أي طرف سياسي كردي سوري في تلك الجغرافيا التي يتحكم بها، ولم تكن الشخصيات و»الجهات» السياسية التي أشركها في مؤسساته غير الفاعلة سوى «نسخة صينية» من تجربة حزب البعث السوري مع أحزاب جبهته الوطنية التقدمية «الشريكة». رفع الجناح العسكري لهذا الحزب كل غطاء أمني أو سياسي عن طبقة السياسيين الكرد السوريين، الذين هُجروا منذ السنة الأولى لاندلاع الثورة السورية. واستعمل الحزب في سبيل ذلك مزيجاً من التعنيف السياسي والتخوين الخطابي، متوهماً قدرته على خلق بيئة نموذجية لهيمنته السياسية والعسكرية على كل الشمال السوري، ليستطيع عبرها سبر نموذج جديد من علاقات تصارعه مع تركيا. في سبيل ذلك لم يوفر جناح حزب العمال الكردستاني استفزاز طرف كردستاني مركزي هو الحزب الديموقراطي الكردستاني وزعامة مسعود البرزاني، محولاً المساحة الكردية السورية إلى ساحة للضغط عليه، عبر حصار أنصاره هناك. فعل جناح العمال الكردستاني السوري كل ذلك، من دون أية رؤية استراتيجية سياسية، لا في العلاقات الإقليمية المعقدة التي تحيط بالمسألة السورية من كل صوب، ولا حتى ضمن النسيج السياسي السوري الداخلي. وهذا من دون وعي عميق لتعقيدات الحساسيات السورية المذهبية والإثنية والجهوية، أو أي إدراك لخصائص المجتمع الكردي السوري، وطبيعة بيئته الجغرافية والاجتماعية والاقتصادية، ودوماً من دون أية مراجعة مرحلية لسياساته ونهجه. فقط كان ثمة وعي سياسي «غرائزي» بأن هذه اللحظة السورية استثنائية، ويجب اقتناصها بأي ثمن كان. هل المسألة الآن في كوباني مسألة مصير عشرات الآلاف من البشر وإمكانية نزول مذبحة بهم، وبالتالي فإن أي شيء يجب أن لا يفوق ذلك أهمية؟ هذا صحيح، لكن من أوصل كوباني وأهلها إلى هذه العزلة السياسية والعسكرية المحضة؟!. من المسؤول عن هذه المغامرة التي رأى الأكراد السوريون أنفسهم في مواجهتها، هم الذين يشكلون سكان شريط حدودي ضيق جداً وطويل جداً، وليس لهم أي ظهير، ولم يكونوا يوماً يبتغون سوى العيش بسلام، من دون أية أحلام – مغامرات تتجاوز قدراتهم المتواضعة وسط جغرافيتهم الفظيعة؟