في ظل الطفرة الكبيرة للإعلام الجديد وسطوته اللافتة على جيل الشباب، بات من السهل جداً الترويج للأكذوبة، وبالتالي جعل الناس يصدقونها وبسهولة. ومن هذه الزاوية قدّم مجموعة من الشباب السعودي فيلماً قصيراً على موقع «يوتيوب» من تقديم إبراهيم القحطاني وإخراج محمد الملا، يوضح أن نظام ساهر عبارة عن مؤامرة ماسونية نجحت إسرائيل في تركيبها داخل السعودية لمراقبة تحركات الشعب، ويبين معاناة الناس مع كاميرات ساهر في قالب كوميدي، وجاء في سيناريو الفيلم أن باحثاً أكاديمياً مبتعثاً يُدعى يوسف العبدالله، والذي يدرس التاريخ الصهيوني في جامعة السوربون في فرنسا، توصل إلى مخطوطة تاريخية يتجاوز عمرها أكثر من ألف عام، تحوي خريطة الجزيرة العربية مرسوماً عليها رموز تشبه الأعين بعنوان: «عيوننا تبقى ساهرة في مراقبة الأعداء». وكشف الفيلم عن أن هذا النظام وضع من جهات يهودية صهيونية لمراقبة أكبر الدول العربية في المنطقة، مستنداً إلى إعلان المتحدث الرسمي للموساد الإسرائيلي أنه تم بنجاح زرع شبكة تجسس في أكبر الدول العربية، والذي تزامن مع إعلان السعودية تشغيل نظام «ساهر». وبحسب ما جاء في الفيلم أنه بالبحث عن الشركة المصنعة لكاميرات ساهر، تم اكتشاف أنها تعود إلى شركة يمتلكها شخص يهودي وله علاقات كبيرة مع قيادات إسرائيلية. وأشار متخصص في أمن المعلومات - بحسب ما جاء في الفيلم - إلى أن المخالفات التي ترصدها كاميرا ساهر ترسل إلى وزارة الداخلية، ولكن تم رصد عنوان آخر في الإنترنت مجهول المصدر لم يتم تحديد هوية دولته حتى الآن. يقول مقدم الفيلم إبراهيم القحطاني في حديثه إلى «الحياة» إن فكرة برامج المؤامرة الساخرة منتشرة في الغرب، وفيها تتم السخرية من بعض الأحداث والأفكار في شكل مبالغ فيه جداً وبأسلوب جاد، وفيها دور توعوي يحث المشاهد على ألا يصدق كل ما يشاهد. فالحبكة الدرامية والإخراج المتقن لا يعني حقيقة المعروض، ولهذا السبب فضلنا أن تكون الحلقة الأولى عن نظام ساهر، لأنه مشاهد في شكل مباشر للجميع ولأن هناك الكثير من الإشاعات تدور حوله، وكذلك يوجد الكثير من المعارضين له لشعورهم بأنه يرهقهم مالياً، وهذه الأمور تشكل أرضاً خصبة لانتشار الإشاعات، فالمرء مستعد لتصديق أي شيء يخص ما يكرهه. وعلل سبب تصديق الكثير من المشاهدين وإصرار بعضهم على أن الفيلم حقيقي «أن المشاهد انشغل بجودة الصورة والإضاءة والأداء، وتغافل عن التركيز في آلية ربط المعلومات ببعضها، فنحن لم نربط النظام بإسرائيل، بل تحدثنا عن مجرد شكوك وجلبنا مقاطع من أفلام وأخبار لا تمت للموضوع بصلة ودبلجناها بمعلومات أخرى. ومع هذا، كان هناك من صدّق من دون أن يسأل عن الرابط». وأشار إلى أن «وجود الإعلان في آخر الفيلم من باب الحبكة الدرامية لا أكثر، وليس تهرباً من المساءلة القانونية كما ظن البعض، فالشخص الذي صدق المقطع على رغم قراءته لاسم كاتب السيناريو وأسماء الممثلين لم يصدق التنويه الذي كان في آخر الفيلم على رغم وضوحه، فلو كان التنبيه في أول الفيلم سيفقد البرنامج الكثير، ولن تكون هناك نقطة المفاجأة والصدمة التي استهدفنا أن نصدم بها المشاهد ليستفيد منها كدرس بأن ليس كل ما يلمع ذهباً». ويضيف القحطاني: «هناك حلقات قادمة ستكون عن بعض القضايا والقصص الخيالية والكوميدية، تهدف إلى نشر حس التحقق لدى المشاهد من كل ما يدور حوله، وألا يكون مجرد أداة لنشر الأخبار والإشاعات. فهناك فئة كبيرة في المجتمع على استعداد أن تصدق أي صورة أو مقطع وتكتفي بالعنوان من دون أن تحاول أن تتحقق من مصدر المقطع والصورة، فنحن في زمن كثرت فيه الإشاعات خصوصاً مع سهولة انتشارها تقنياً». وكان الفيلم أثار فضول الكثيرين في شبكات التواصل، وخصصوا له وسماً خاصاً، وعلق البعض بسخرية على من صدّق ما ورد في الفيلم من معلومات، فقال خالد الهديان: «الأشخاص الذين صدقوا فيلم مؤامرة ساهر، هم البشر أنفسهم الذين كانوا يشترون ويبيعون ماكينات سنغر بحثاً عن الزئبق الأحمر». وطلب مدلول الشمري من منتجي الفيلم أن يظهروا في الإعلام ويقوموا بتوضيح ما التبس على الكثيرين، بينما طالب محمد السلمي الجهات المختصة بالقبض على من أسهم في إنتاج الفيلم، معتبراً ذلك تجاوزاً لحدود حرية الإعلام». وعلى رغم أن مقدمي الفيلم نبهوا في نهاية العرض إلى أنه مجرد برنامج ترفيهي ساخر، وكل الأحداث والشخصيات والمعلومات والأماكن والأدلة الواردة فيه غير حقيقية، إلا أن الكثير من المشاهدين الذين بلغت مشاهدتهم للفيلم في موقع «يوتيوب» أكثر من مليونين ونصف المليون مشاهدة حتى هذه اللحظة لم يتنبهوا لذلك والبعض الآخر لم يصدقوا ذلك التنبيه، واعتبروا ما ورد في ثناياه أنه حقيقة. إذ يعلق أحد مشاهدي الفيلم في «يوتيوب» قائلاً: «والله شيء يخوف صراحة وترى الكلام آخر 10 ثواني كذب بكذب، بس عشان ما يتحاكمون ولا ينسجنون»!