×
محافظة المنطقة الشرقية

3 أعمدة تؤزم كهـربـاء «جعـرانــة»

صورة الخبر

تعلم وزارة التربية والتعليم أن هناك أعذاراً مشروعة لتغيب المعلمين عن مدارسهم، لكنها لم تضف بعدُ لقائمتها «ضياع المدارس» كأحد تلك الأعذار التي تعيق المعلمين والمعلمات الجدد عن المباشرة مع بداية العام الدراسي الحالي. فطوال الأسبوع الأول من الدراسة لم يتمكن المعلمون والمعلمات من إيجاد مدارسهم في القرى النائية غير المكتظة بالسكان و«المعينون فيها حديثاً»، بعد أن تقطعت بهم السبل، فمنهم من ضل وعاد أدراجه لمراكز الإشراف يبحث عن «أطلس مدرسي» يرشده لمقر عمله الجديد، ومنهم من استعان بـ«غوغل إيرث» للبحث عن مدرسته، في ظل افتقار مراكز الإشراف لقاعدة معلومات جغرافية متطورة لمدارسهم النائية، وفاقمت الأمطار الأخيرة التي هطلت على قرى في جنوب السعودية من وضع المعاناة المستمرة في رحلة التعليم اليومية لأولئك المعلمين. «الكارثة» - إن صحت التسمية - كانت أشد وطأةً على المعلمات، إذا ما أخذنا في الاعتبار وضعهن الأسري وطبيعتهن النفسية والاجتماعية، فإحدى المعلمات من محافظة الطائف، انتظرت 10 أعوام «حتى ينفض مسؤولو التعليم الغبار عن ملفها هذا العام، ويقذفوا به وبها إلى إحدى القرى النائية على الحدود الجنوبية للسعودية» في مدرسة «مش على الخريطة من خربتها» تيمناً بوصف عادل إمام لقريته في فيلمه الشهير. المعلمة التي رمزت لاسمها بـ«ن ع» لم تعلم أتفرح بالتعيين بعد هذه الأعوام العجاف، أم تتأمل في حظها العاثر الذي اختار لها هذه المدرسة في قرية لم تخطر لها على بال، بل لم تسافر لمنطقتها الإدارية طوال حياتها. حزمت المعلمة «35 عاماً» حقائبها ورافقها في رحلتها العاثرة ولي أمرها الكبير في السن؛ وصلا إلى القرية فأخذا يسألان عن المدرسة، فهي مدرسة يبدو أن سكان القرية لم يسمعوا بها، تأملا المكان جيداً، وجوه غريبة، وطرق وعرة، ومتخلفون من الجنسية الإثيوبية يسرحون ويمرحون في طرقها الترابية، شعور مختلط من الخوف والأمل في مستقبل يبدو أن الأحلام رسمته دون التحوط لقرارات وزارة التربية والتعليم القاسية. يضيف أخوها الذي منعه عمله من مرافقتها في روايته لـ«الحياة»: بعد انقضاء اليوم الأول دون إيجاد المدرسة قررا البحث عن مسكن لحين انفراج هذه المشكلة، تعقدت المشكلة أكثر، فلم يجدا نزلاً يؤويهما فعادا إلى قرية قريبة استضافهما فيها أحد السكان ليقضيا ليلتهما في ضيافته. أربعة أيام خلال الأسبوع الماضي من البحث، استعانا فيها بكل الوسائل الممكنة لإيجاد المدرسة دون جدوى؛ حتى وردهما اتصال من أحد أقاربهما يحذرهما من السكن أو التدريس في تلك القرية. فقررا العودة دون تردد بعد معاناة لم تتوقع المعلمة أنها ستواجهها حتى قبل أن ترى مدرستها، وقرار التخلي عن الحلم دهم تفكيرها بعد هذه المعاناة غير المتوقعة على حد وصفه. معلمون آخرون كان حظهم أفضل، فتم تعيينهم في مدارس بحثوا عنها بوسائل التقنية الحديثة، فأرشدهم «غوغل إيرث» إليها، لكنهم لم يستطيعوا الوصول إليها على أرض الواقع، فطرقها وعرة، أقفلت بالصخور، وانهارت أجزاء منها بفعل الأمطار، ولا يزالون في انتظار تعبيدها للوصول إلى تلك القرى ومن ثم لمدارسهم. و«هذا ما حدث» لعبدالله العبيدي الذي تعين في إحدى قرى جازان يقول: بعد صبر لتسعة أعوام قبلت بالوظيفة، ولكن فرحتي لم تكتمل بتلك القرية التي اختاروها لي، فأهلي في شمال السعودية في مدينة حائل، وتعييني الذي اخترته مجبراً في إحدى قرى جازان، «كثيراً ما تمنعنا الأمطار ووعورة طرقها عن مواصلة التدريس فيها»...! ويضيف: هم أخبرونا باسم المدينة والقرية واسم المدرسة، ولم يوضحوا موقعها الحقيقي، خصوصاً ونحن نعتبر مغتربين عن تلك القرى، «فكان باستطاعة الوزارة أن تضع إحداثيات للمدارس فأجهزة الاتصال الآن متطورة وباستطاعتها إرشادنا وحدها دون منة من الوزارة لو تم توفير هكذا معلومات، مشيراً إلى أن آليات التعيين في وزارة التربية والتعليم فيها الكثير من المعاناة لمعلمين ومعلمات ذنبهم الوحيد أنهم تخرجوا معلمين!. من جهته، علق مصدر مطلع بوزارة التربية والتعليم على آليات التعيين بالقول إن الوزارة أجرت الكثير من التعديلات الإيجابية على إجراءات التعيين من خلال درس إمكان التعيين في مناطق لا تبعد مسافات طويلة عن المعلمات بوجه خاص، مشيراً إلى أن هناك مقترحات رفعت إلى المسؤولين في الوزارة «والذين بدورهم يحرصون على إمكان تنفيذ كل ما من شأنه خدمة العملية التعليمية ومساعدة المعلمين والمعلمات الجدد على تأدية رسالتهم العملية دون عوائق». ورفض المصدر «التعليق على قضايا فردية» وقال: التعيين يتم بحسب «الحاجة» ووفقاً لما تحتاجه كل مدرسة ومنطقة تعليمية، وهي محددة ببرامج وخطوات تقنية لا يمكن التلاعب فيها أو تجاوزها وتسير وفقاً لأهداف وسياسات الوزارة في سد الحاجات في كل منطقة في السعودية من المعلمين والمعلمات الجدد وشدد على أن النقل متاح للمعلمين من العام الأول وفق الإجراءات التي يعونها ويختارونها أثناء عملية التقديم.