نجح نظام «ساهر» في الحد من المخالفات المرورية، وأسهم بشكل لافت في خفض الحوادث الناجمة عن السرعة، وقطع الإشارات.. وبرغم نجاحه المشهود، المدعم بالإحصاءات الرسمية، فما زال يتلقى الانتقادات اللاذعة التي تتجاهل فوائده، وتركز عى سلبياته التي ارتبطت بشكل مباشر بالغرامات المالية، وأسلوب الرصد والتخفي. كنت ممن انتقد ساهر على ارتفاع قيمة مخالفاته، مقارنة بالدخل، ومضاعفتها عند تأخير السداد، إضافة إلى أسلوب التطبيق الذي اعتمد «التخفي والترصد» منهاجاً له، بدلاً من التوجيه والتحذير الذي يضمن، بإذن الله، تحقيق هدف الحماية. بعد أن تابعت إحصائيات الحوادث، وإنخفاضها بشكل كبير، تراجعت عن بعض «سوء الظن» الذي لازمني منذ تطبيق النظام، وأعتقدت، جازماً، أن الغاية من تطبيق النظام هي «الحماية» وليس «الجباية»، ولكي أكون صادقاً، فقد ميزت بين طرفي العلاقة التشغيلية المسؤولة عن «ساهر»، فألحقت هدف «الحماية» بوزارة الداخلية، وهدف «الجباية» بالشركة المشغلة التي تهتم كثيراً بجانب الربحية، على حساب حماية البشر. يبدو أنني كنت محقاً في بعض ظنوني، فالشركة المشغلة تؤكد، يوماً بعد آخر، حرصها الشديد على الجانب المادي وتهاونها في الحماية والتوجيه.. وإلا كيف نفسر تركها لمجمل الخطوط السريعة في الوقت الذي تركز فيه على المدن التي تنخفض فيها السرعة بشكل كبير؟.. وما الأسباب الكامنة خلف تركيزها على المركبات المتحركة بدلاً من نشر الكاميرات الثابتة التي تعتبر من الأصول الدائمة للنظام؟. لم أشأ العودة إلى موضوع «ساهر» بعد أن هدأت من حوله عواصف النقد، وتعايش الناس مع غراماته المتراكمة، وأساليبه البحثية الترصدية، لولا ظهور بعض المؤشرات التي رجحت أن حماية الأرواح ربما جاءت في المركز الثاني ضمن اهتمامات الشركة المشغلة، وأضرب مثالاً بطريق رقم 1 المزدحم بالمركبات، في محافظة الجبيل، الذي يربط مدينة الجبيل البلد بالجبيل الصناعية، والذي يُطلق عليه الأهالي اسم «طريق الموت» بسبب عدد الضحايا الذين ذهبوا في حوادث السير الناتجة عن السرعة الجنونية. بعد حادثة حافلة المدرسة الأهلية التي أسفرت عن وفاة ستة أطفال، جددت الهيئة الملكية بالجبيل مطالباتها المستمرة بتأمين سيارات ساهر للحد من سرعة المركبات التي تسابق الريح وتتسبب في حصد أرواح الآمنين، مستشهدة بعدد الحوادث والوفيات المسجلة خلال الفترة الماضية. عظم المصيبة ساعد في تأمين سيارتي مراقبة على وجه السرعة، إلا أنهما انسحبتا بعد اكتشاف الشركة تدني مستوى الدخل الناجم عن قلة المخالفات على طريق 1. تدني حجم المخالفات كان نتيجة مباشرة لوجود تغطية «ساهر»، ما يعني إيجابية الرقابة ونجاحها في الحد من مخالفات السرعة، وهو الهدف الأسمى الذي يفترض أن يحققه النظام. إنسحاب «ساهر» المفاجئ يشير إلى أن الشركة المشغلة ركَّزت في قرارها على الجانب المادي لا حماية الأرواح والممتلكات. الهيئة الملكية بالجبيل، وضمن خططها الحمائية، وبتمويل ذاتي، قامت باستيراد وتركيب كاميرات مراقبة ثابتة على طريق1، لمعالجة مشكلة السرعة القاتلة، وللحد من الحوادث وأعداد الضحايا. أنجزت الهيئة الملكية المرحلة الأولى من نشر الكاميرات الثابتة بكفاءة وسرعة فائقة، ولم يتبق إلا تشغيلها الذي يفترض أن يكون مرتبطاً بإدارة المرور، المسؤولة عن شبكة «ساهر» الإلكترونية. مضى ما يقرب من أربعة أشهر على تركيب الكاميرات وما زالت المركبات تتجاوزها بسلام، برغم سرعتها التي تفوق 160 كلم. بيروقراطية العمل، أو ربما أمور إدارية أكثر تعقيداً، حالت دون ربط كاميرات المراقبة بشبكة «ساهر» الإلكترونية، وكل ما أرجوه ألا يكون للجانب المادي، واشتراطات الشركة المشغلة، علاقة مباشرة بتسويف ربط الكاميرات بـ (خادم) الشبكة. طالما أن هدف «ساهر» الأول هو تحقيق الحماية التامة لمرتادي الطرق، وخفض الحوادث، والوفيات، فمن الواجب التعجيل في تشغيل كاميرات طريق 1 بعد ربطها بشبكة النظام الإلكترونية. الهيئة الملكية بالجبيل قامت بدورها المسؤول، وتبقى دور الإدارة العامة للمرور المسؤولة عن النظام، وربط الكاميرات الطرفية. نداء عاجل أوجهه لسعادة مدير عام المرور اللواء عبد الرحمن المقبل، للتدخل من أجل حماية أرواح مرتادي طريق 1 وإنهاء إجراءات ربط كاميرات المراقبة بالشبكة الإلكترونية، فهو الحريص على إنجاح مشروع «ساهر» والأكثر حرصاً على أرواح المواطنين. f.albuainain@hotmail.com