"كان باستطاعتي جلب عربة متحركة أدفع بها والدي كبقية الحجاج.. ولكنني لم أجد أفضل من كتفيّ ليكونا له مقعدا وثيرا، فطالما حملني وأنا صغير، وقد جاء اليوم الذي أرد فيه جزءا يسيرا مما قدمه لي".. بهذه العبارات الموغلة في البر، بدأ الحاج الهندي محمد رشيد، بشرح الأسباب التي دفعته لتفضيل حمل والده على أن يدفعه بكرسي متحرك. ولم يمنع عمر الحاج محمد الذي تجاوز الـ50 عاما، من أن يحمل والده الثمانيني على كتفيه، وعينه على أيام الطفولة. يقول لـ"الوطن": لقد كان والدي مولعا بي منذ صغري، فقد كنت ابنه الوحيد، وقد كان يحملني ولا يتركني أمشي على الأرض من فرط محبته لي". ويضيف "كبرت وتوفيت والدتي فزاد تعلقي بوالدي، وكان يخبرني دائما برغبته الشديدة في الحج لكن الظروف لم تكن مناسبة وقتها، وكنت أفكر دائما في الكيفية التي أحقق بها لوالدي ما يريد". كان التفكير المتواصل في تحقيق أمنية الأب دافعاً لأن تتحول تلك الأمنية إلى رؤية يراها محمد في منامه، ويقول "من كثر تفكيري حلمت في يوم من الأيام كأني في الحج وأحمل والدي على ظهري، وبعد أن وصل عمر والدي إلى ٨٠ عاما تحقق حلمه بالحج". في الحج وحده، تتحول أكتاف الرجال إلى مقاعد وثيرة لوالديهم تضاهي مقاعد العربات المتحركة، في صورة تجسد البر بأسمى حالاته، وهم يحملون والديهم فوق أكتافهم وكأنهم يقولون: حملتونا صغارا واليوم نحملكم شيوخا في أقدس بقاع الأرض، لنرد لكم جزءا مما قدمتموه. الحاج محمد رشيد، من الهند، جسد هذه الصورة وأبهر الحجيج؛ فعلى الرغم من تجاوز عمره الـ٥٠ عاما إلا أنه اختار أكتافه كأفضل مقعد يتنقل به والده بين المشاعر، على الرغم من توافر العربات المتحركة التي يدفع بها الحجاج أقاربهم المقعدين والمسنين ويتنقلون بها بين المشاعر. يقول رشيد -للمترجم المتطوع الذي استعانت به "الوطن" لتسهيل التحاور معه- إنه كان يستطيع جلب عربة متحركة يدفع بها والده كبقية الحجاج لكنه لم يجد مقعدا أفضل من أكتافه لوالده الذي طالما حمله وهو صغير وجاء اليوم الذي يرد فيه جزءا يسيرا مما قدمه له، وفي أقدس بقاع الأرض. ويستذكر الحاج رشيد طفولته وكيف أن والده الثمانيني كان مولعاً به وهو صغير ولا يتركه يمشي على الأرض لأنه ابنه الوحيد، حتى اشتهر في قريتهم في إحدى مقاطعات الهند بأن رشيد من محبته لطفله لا يريده أن يمشي على الأرض. ويضيف "كبرت وتوفيت والدتي فزاد تعلقي بوالدي، وكان يخبرني دائما برغبته الشديدة في الحج لكن الظروف لم تكن مناسبة له ولي، وكنت أفكر دائما في كيف أحقق لوالدي ما يريد". كان التفكير المتواصل في تحقيق أمنية الأب دافعاً لأن تتحول تلك الأمنية إلى رؤية يراها محمد في منامه، ويقول "من كثر تفكيري حلمت في يوم من الأيام كأني في الحج وأحمل والدي على ظهري، وبعد أن وصل عمر والدي إلى ٨٠ عاما تحقق حلمه بالحج ورافقته وزوجته الثانية التي تزوج منها بعد وفاة والدتي". يبتسم محمد وهو يرى رؤيته تتحقق في حج هذا العام وهو يحمل والده على أكتافه ويتنقل به بين المشاعر بكل سعادة، مشيرا إلى أنه قطع على نفسه عهدا بألا يركب والده في أي عربة حتى في السعي والطواف وسيكون محمولا على أكتافه حتى نهاية النسك.