الجزيرة - عبدالله العثمان: أكد لـ«للجزيرة» أمين عام اتحاد غرف دول مجلس التعاون الخليجي الاستاذ عبد الرحيم نقي أن تفعيل السوق الخليجية المشتركة قطع شوطا كبيرا في دول مجلس التعاون الخليجي خاصة على صعيد التنقل بين المواطنين والسماح بفتح أعمال تجارية لبعض الأنشطة والمهن والاستثمار في البورصات وتملك العقار وحرية الاستثمار وغيرها، إلا أنه لا يزال هناك الكثير من العمل في هذا المجال. وتابع نقي قائلاً : لا يزال القطاع الخاص يعاني مطالبة من بعض دول الخليج بوجود شريك عند تأسيس شركات محلية، إضافة الى وضع قيود على الاستثمار في العقار والبورصات وتأسيس البنوك وغيرها في بعض دول الخليج. وأضاف :الى جانب عدم سماح بعض الدول بفتح فروع الشركات والبنوك وشركات التأمين لها بالدولة، وإن تم السماح لها فيشترط ألا يكون أكثر من فرع واحد، مضيفا بأنهم يأملون أن تتواصل الجهود المخلصة لإزالة كافة هذه العقبات وتفعيل قيام السوق الخليجية المشتركة بالكامل. وأشار إلى أن اقتصاديات دول مجلس التعاون الخليجي تعتمد في متانتها على كونها من الدول الرئيسية المصدرة للنفط، مشيرا الى انها تمتلك أكثر من 40 % من الاحتياطيات النفطية العالمية، مضيفا أنها تلعب دورا محوريا في تلبية الطلب اليومي من هذه الطاقة. وتجمع كافة التوقعات بأن أسعار النفط سوف تظل قوية في المديين القصير والمتوسط، مما يعني أن مصادر قوة الاقتصاديات الخليجية سوف تظل شبه مستقرة في المدى المنظور. مؤكدا في نفس الوقت بأن هذا المصدر انعكس على هيكل الاقتصاديات الخليجية حيث تمثل إيرادات النفط نحو 80% من الصادرات وإيرادات الميزانية، ولكن هذا لا ينفي أن الاقتصاديات الخليجية دخلت مرحلة جادة من التنويع الاقتصادي وتوسيع دور القطاع الخاص في التنمية. كما بين أمين عام اتحاد غرف دول مجلس التعاون أن الاتحاد الجمركي الخليجي أخذ وقتا أطول مما ينبغي، وقد تم تأجيله قيامه لسنوات طويلة تتجاوز السنوات العشر. وأضاف «ولعل أبرز المعوقات هي الاتفاق على توزيع حصيلة الإيرادات الجمركية علاوة الترتيبات اللوجستية وغيرها», مشيرا في الوقت نفسه إلى أن القطاع الخاص يود أن يرى انسيابية في التبادل التجاري البيني في كافة الجوانب اللوجستية والفنية والجمركية وغيرها بين دول المجلس، مؤكدا بأنها جوانب أساسية بالنسبة للقطاع الخاص، ولفت إلى أن الأجهزة المعنية في دول المجلس تبذل جهودا مضنية وصادقة لتذليل كافة هذه المعوقات، وأضاف: مع تأسيس هيئة الاتحاد الجمركي لدول المجلس العام الماضي وقيامها بوضع برنامج زمني لمهامها، فإننا نتطلع إلى أن يتم تنفيذها بشكل متكامل، لتطبيق الوضع النهائي للاتحاد الجمركي بكامل متطلباته في الأول من يناير عام 2015م. ونوه نقي بأنه لا تزال هناك بعض العقبات الموجودة التي تعوق انسيابية دخول البضائع بين الدول الأعضاء ومنها تكرار عمليات تفتيش الشاحنات عند كافة المنافذ الحدودية في دول المجلس وما يصاحبها من حصول تلفيات وتأخير ومعوقات إضافة إلى غياب الوعي لدى بعض موظفي الجمارك عند المنافذ الحدودية، فيما يتعلق بتفتيش البضائع، واستمرار فرض رسوم بتسميات مختلفة على البضائع الداخلة لبعض دول المجلس، مما يشكل عبئا ماليا إضافيا على أصحاب الأعمال وغيرها الكثير، مشيرا الى ان الأمانة العامة لاتحاد غرف دول مجلس التعاون الخليجي تقدمت بالعديد من المبادرات والمذكرات للتعامل مع هذه القضايا من خلال العمل على إلغاء البيان الجمركي المعمول به في المنافذ البرية الجمركية وتطبيق نظام المنفذ الأول لدخول البضاعة مع توحيد وتبسيط الإجراءات الإدارية والسماح للشاحنات الخليجية للتحميل من أي بلد بغض النظر عن جنسية السائق، إضافة إلى الكثير من التوصيات في هذا الجانب، آملاً من خلال مشاركتهم في هيئة الاتحاد الجمركي الخليجية أن يواصلوا طرح هذه المعوقات والبحث عن حلول لها ومن ضمنها دراسة خصخصة المنافذ الجمركية لتحقيق انسيابية البضائع بين الحدود. وفيما يتعلق بالعملة الخليجية الموحدة أوضح نقي أن المجلس النقدي يشكل اللبنة الأولى لمؤسسات الاتحاد النقدي والذي يعمل على تهيئة البناء لأهم مؤسسات الاتحاد النقدي والتي أقرته الدورة التاسعة والعشرون للمجلس الأعلى (مسقط ، ديسمبر 2008م) ، ودخل حيز النفاذ في 27 مارس 2010. وأضاف: عقد مجلس إدارة المجلس النقدي الخليجي، منذ إنشائه وحتى نهاية مارس 2013م، واحدا وعشرين اجتماعاً ابتداءً من اجتماعه الأول في يوم 30 مارس 2010م وحتى اجتماعه الحادي والعشرين في 13 مارس 2013م ، في مملكة البحرين، وأشار إلى أن مناقشات المجلس تركزت منذ بدء اجتماعاته على متطلبات المرحلة المقبلة المتمثلة في ترسيخ البناء المؤسسي الذي يحقق المتطلبات الأساسية للمرحلة التأسيسية ، بما في ذلك الاستراتيجيات والخطط التشغيلية اللازمة لاستكمال متطلبات الاتحاد النقدي, ومن ناحية مجال الجهود الرامية لتسريع عملية قيام المجلس وتحقيق أهداف الاتحاد النقدي أكد نقي بأن المجلس النقدي بدأ مع الجهة الاستشارية في ديسمبر 2012م العمل على مراحل التأسيس المحددة ، حيث ستقوم الجهة الاستشارية بدراسة الأهداف المنصوص عليها في النظام الأساسي للمجلس، وتعريف المهام العملية، والقضايا الإستراتيجية والخطط للتأكد من توافق مهام المجلس مع رسالته العامة، وقال نقي: إن صندوق النقد الدولي ظل لفترات طويلة لا يوصي بتغيير ارتباط العملات الخليجية بالدولار الأمريكي، ورأيه في هذا الجانب غير محسوم بشكل نهائي. ومن وجهة نظري فإن ربط العملات المحلية بالدولار أمر جيد بالنسبة لاقتصاديات صغيرة وتعتمد على مورد رئيسي مقوم بالدولار. كما أن ذلك يمثل عامل على توفير الثقة والاستقرار، إلا أن تكلفة الاستقرار هذه تؤدي إلى فقدان الأداة التي يمكن بها التحكم في معدلات التضخم. وحول توجه دول الخليج لتغيير سعر الصرف بين نقي أن دول مجلس التعاون الخليجي غير عازمة على تغيير سياسة ربط عملاتها بالدولار الأمريكي في الوقت الحاضر على الأقل، مؤكدا أن المحللين ينقسمون إلى فريقين ما بين مؤيد لفكرة فك الارتباط وبين معارض لهذه الفكرة، حيث يرى الفريق المعارض أن فك ارتباط العملات الخليجية بالدولار لن يخدم الأهداف الكلية للاقتصاديات الخليجية ومعالجة معدلات التضخم المرتفعة فيها على المدى القريب. من ناحية أخرى فإن هناك عدة مزايا إضافية لربط العملة الخليجية الموحدة بالدولار وهي: أن النفط الخام،سلعة التصدير الرئيسية لدول المجلس، ويسعر عالميا بالدولار الأمريكي، ومن المعلوم من الناحية النظرية انه يفضل للدول التي تقوم بإنتاج وتصدير سلع تعدينية او زراعية أن تقوم بربط عملتها بالعملة التي يتم استخدامها في تقييم أسعار تلك الصادرات.اضافة الى أن الجانب الأكبر من واردات المنطقة يتم بالدولار الأمريكي (عملة الربط المقترحة للعملة الخليجية الموحدة) وأضاف نقي بأن الجانب الأكبر من الاستثمارات الخارجية للمنطقة الذي يتم في إطار صناديقها السيادية للاستثمار يتم أيضا بالدولار الأمريكي, كما أن الجانب الأكبر من احتياطيات تلك الدول بالنقد الأجنبي يتمثل في الدولار الأمريكي. وأبان نقي في الوقت نفسه أن مثل هذه العوامل تعد مشجعة لتبني ربط العملة الخليجية بالدولار الأمريكي. إلا أن العيب الأساسي في الربط بالدولار الأمريكي، يتمثل بأنه في الأوقات التي يميل فيها الدولار الأمريكي نحو الهبوط فإن ذلك سوف يعني هبوط قيمة العملة الخليجية الموحدة بالتبعية، ومن ثم تعاني تلك الدول من ارتفاع في الأسعار نتيجة ارتفاع أسعار الواردات من الخارج، وانخفاض القوة الشرائية لاحتياطياتها من النقد الأجنبي، وكذلك انخفاض القيمة الحقيقية لاستثماراتها الخارجية. وتابع نقي : بينما يرى الفريق المؤيد لفك الارتباط أن ذلك من شأنه أن يقوي العملات المحلية ويساعد على استيراد مزيد من الواردات ومعالجة معدلات التضخم المرتفعة حيث إن ارتباط العملات الخليجية بالدولار محفوف بالمخاطر بسبب عدم استقرار العملة الأمريكية، كما أن ربط العملات الخليجية بسلة عملات يحقق الاستقرار والمرونة ويطور أسواق المال ويمهد لإيجاد علاقات متبادلة بين الدول الخليجية مستندة على أسس متينة. وأضاف نقي قائلا: بأن أفضل طريقة لتفادي أثر انخفاض الدولار على الاقتصاديات الخليجية، هو تنويع مصادر الدخل من جهة، وتنويع مصادر الواردات من جهة أخرى، وإحلال الواردات من الدول التي تتعامل بالدولار محل الواردات من الدول الأخرى. مشيرا الى وجود إجماع حول تأثير الأزمة الحالية التي يشهدها تقلبات سعر صرف الدولار أمام العملات العالمية، مبينا بأن قرار فك ربط العملات الخليجية بالدولار ليس بالقرار السهل بل يحتاج إلى دراسة متعمقة لكيلا تظهر تأثيرات سلبية في اقتصاد المنطقة، كما أنه يجب التأكيد على أن هذا القرار هو قرار إستراتيجي له ارتباطات سياسية متشعبة وغير مقتصرة على الجوانب الاقتصادية فقط.