يبدأ ضيوف الرحمن اليوم بعد نجاج تصعيدهم أمس إلى عرفات الله وقضاء ليلتهم في مشعر مزدلفة، في رمى جمرة العقبة الكبرى ثم رمى الجمرات في أيام التشريق الثلاثة بدءا من اليوم. ووقف الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية رئيس لجنة الحج العليا، والأمير مشعل بن عبدالله بن عبدالعزيز أمير منطقة مكة المكرمة رئيس لجنة الحج المركزية على عملية تصعيد الحجاج إلى عرفات، وواصلا تعليماتهما للجهات المعنية ببذل أفضل الجهود لتوفير ما يحقق لضيوف بيت الله الحرام أداء مناسكهم في مزيد من اليسر والأمن والأمان. وكان أكثر من مليوني مسلم وقفوا على صعيد عرفات الطاهر، «مدينة اليوم الواحد» والتي اكتست حلة بيضاء في يوم الحج الأكبر، وقضى جموع الحجيج يومهم مكبرين مهللين تعلوهم السكينة والرحمة، في أجواء روحانية منيبين لربهم، ملبين نداء الحق «وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق» باكين خاشعين متوجهين إلى الله بقلوبهم وأبدانهم شعثا غبرا. وأدى الحجيج صلاتي الظهر والعصر جمعا وقصرا، واستمعوا إلى خطبة عرفات وأم المصلين في مسجد نمرة مفتي عام المملكة فضيلة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ، ثم وقف الجميع ملبين مكبرين مهللين باكين خشوعا للواحد الأحد، وقضوا نهارهم في عرفات الله، واكتسى جبل الرحمة بياضا ناصعا، ولم يبق منه جزء ظاهر إلا شاخصة الشامخ، وانتشر رجال الأمن في صعيده شرقا وغربا مقدمين خدماتهم لجموع حجاج بيت الله الحرام، وانطلقت فرق الكشافة تبحث عن التائه، وتسقي العطشان، وتعين المريض، وتنقذ اللهفان، وفتحت المراكز الصحية أمام المريض أبوابها وقدم العاملون فيها خدمات جليلة أعانت الحجيج على أداء نسكهم بصحة وعافية، ومكن المرضى المنومون من أداء الفريضة بقافلة الصحة، وبعث الله رحمته على عباده بأجواء لطيفة، وقاوم المنظمون حرارة الشمس الحارقة برذاذ الماء الملطف، كما انتشرت مبرات الخير والإحسان لتصل إلى الحاج بحثا عن الأجر والثواب، لم تسجل المؤن من المياه والمرطبات نقصا، وأسهم قطار المشاعر في نقل من أقلهم في أجواء مطمئنة، وفصل رجال الأمن حركة المركبات عن أرتال البشر الراجلة، حتى الحرارة تمت مقاومتها باستخدام رذاذ الماء عن طريق التمطير الصناعي الموجود في مناطق الكثافة في عرفة حول جبل الرحمة، ومسجد نمرة والساحات الكبيرة، وبمجرد إعلان المؤذن بأذان المغرب هب الجميع إلى نفرة المزدلفة في يسر وطمأنينة. وشهدت الحركة المرورية لانتقال ضيوف الرحمن من منى إلى عرفات انسيابية ومرونة بفضل من الله سبحانه وتعالى، ثم بفضل ما هيأته حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، وسمو ولي عهده الأمين، وسمو ولي ولي العهد - حفظهم الله - من إمكانات ضخمة وترتيبات متميزة لينعم الحجاج بالأمن والأمان والراحة والاطمئنان. وتميزت عملية التصعيد باليسر رغم الكثافة الكبيرة في أعداد السيارات والمشاة بفضل الله، ثم بفضل الجهود الكبيرة التي يبذلها رجال المرور يساندهم أفراد الأمن لتنظيم حركة السير وإرشاد ضيوف الرحمن ومساعدتهم والحفاظ على أمنهم وسلامتهم، وبذل الغالي والنفيس لخدمتهم والسهر على راحتهم وتيسير تنقلاتهم تنفيذًا لتوجيهات القيادة الرشيدة، ببذل أقصى الجهود لتأمين المزيد من الراحة والأمن والطمأنينة ليؤدوا مناسكهم في أجواء يسودها الأمن والطمأنينة. واستقرَّ ضيوف خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - بمشعر عرفات، بعد اكتمال وصولهم وهم ينعمون بالراحة والطمأنينة والاستقرار، وسط أجواء مفعمة بالأمن والأمان. وفَّرت لجان برنامج ضيوف خادم الحرمين الشريفين، البالغ عددهم 2400 حاج، منهم 1000 حاج من ذوي شهداء فلسطين، الرعاية الشاملة في جميع المجالات؛ حتى يؤدوا شعائرهم وسط منظومة متكاملة من الخدمات من الناحية الغذائية والصحية والعلاجية. وقد تمّ تصعيد الحجاج بنجاح متميز، وفي وقت قياسي، بتضافر الجهود من جميع اللجان العاملة في برنامج الاستضافة. وأوضح عبدالله بن مدلج المدلج، المدير التنفيذي لبرنامج استضافة ضيوف خادم الحرمين الشريفين، أن خطة تصعيد الضيوف إلى عرفات للوقوف بها نجحت، عاداً ما تحقق من نجاح لتصعيد للضيوف من مكة المكرمة إلى عرفات ثمرة الجهود الكثيفة للقائمين على خدمة الضيوف، وحرصهم وتعاونهم وتكاتفهم والتنسيق فيما بينهم لأداء هذه الخدمة بروح الفريق الواحد استشعاراً منهم لعظم المسؤولية. وبيّن المدلج أن القائمين على البرنامج قاموا منذ وقت مبكر بتهيئة مقر الضيوف في عرفات، وتزويده بجميع ما يحتاج إليه من تأثيث وأطعمة، وتهيئة مصلَّى يتسع للجميع، وتزويده بما يلزم من فرش ومصاحف ومكبرات صوت وغيرها، كما أُلحقت به الخدمات الأخرى. وأشار إلى أن الضيوف يمثلون الكثير من الجنسيات من كل بقاع الأرض؛ إذ أراد الملك المفدى من خلال برنامج الاستضافة أن يكون مؤتمراً مصغراً، يلتقي فيه مجموعة من الدعاة إلى الإسلام العاملين في مختلف أنحاء العالم، وكذلك يلتقي فيه العاملون في حقل الشؤون الإسلامية، وطلبة العلم الشرعي، والمسلمون الجدد؛ ليكون ذلك أنموذجاً مصغراً للحج الأكبر.