أدى جموع من المصلين صلاة الميت على ناصر مبارك الدوسري الذي كان معتقلا في سجون العراق وتوفى فيها بعد صلاة الجمعة في الجامع الكبير بالنعيرية وتمت مواراة جثمان الفقيد وسط دموع وحزن أهله وذويه، وكانت «عكاظ» قد زارت منزل والد الدوسري الكائن في النعيرية وفيما كنت في الطريق جال في ذهني الكثير فقد تذكرت الشباب وصغار السن ممن تم التغرير بهم وذهبو الى مواطن الفتن دون دراية بما هم ذاهبون إليه أو من أجله وكذلك تألمت لحال الآباء والأمهات الذين تفطرت قلوبهم من ألم الفراق بداية، ثم من أحزان وآلام وجروح عميقة بعد ان يأتي خبر وفاة فلذات اكبادهم في ديار بعيدة دون أي ذنب لهؤلاء الآباء والأمهات سوى أن هناك من المجرمين من أتى وغرر بأبنائهم وغرس في أذهانهم أفكارا شيطانية حتى أخذوهم إلى أتون القتل والدمار والخراب. فتح لي باب المنزل أحد أبناء مبارك ثم ذهب وأتى بوالده، رجل طاعن في السن، وجاء يتوكأ على يد ابنه وجلسنا وتحدثنا عن ابنه المتوفى في سجون العراق والذي وصل جثمانه الخميس ودفن في النعيرية، قال: أصبت ثلاث مرات بجلطات بعد ذهاب ابني الى العراق والحمد لله على كل حال، ابني كان إنسانا عاديا في تصرفاته ولم يكن متطرفا وأخطأ بذهابه إلى مواطن الفتن بعد أن غرر به مجرمون يستحقون العقاب ولكن لا نعلم من هم، يصمت ويسترجع الماضي ويواصل قائلا: أنهى المرحلة الثانوية وحينها بلغ 21 عاما وفي عام ١٤٢٨هـ غادر المنزل وغاب عن اعيننا ولم نعد نعلم عنه شيئا وذات يوم اتصل بنا هاتفيا وأبلغنا أنه في العراق وطلب منا الدعاء وحاولنا معه أن يعود الى رشده وإلى أهله ووطنه لكنه أغلق الهاتف وبعد عام ونصف من تلك المكالمة رن هاتفنا مرة ثانية وأبلغنا أنه تم القبض عليه وأنه في أحد سجون العراق وأنه صدر عليه حكم بالإعدام، وتوالت اتصالاته بنا وكان خلالها يطمئن علينا وكنا نتمنى أن تستمر فرحتنا بتغيير حكم الإعدام عليه إلا أن الاعلان عن وفاته صدمنا ولم نجد أمامنا سوى الاستسلام لما كتبه الله وقدر وتسلمنا جثمانه ولا نقول إلا إنا لله وإنا إليه راجعون وحسبنا الله على من غرر بابننا وتسبب في وفاته الغامضة حتى الآن، فالسلطات العراقية تقول إن سبب الوفاة فشل كلوي، وحتى نتأكد ننتظر النتائج والتقارير الطبية الخاصة به. يذكر أن ناصر الدوسري بقي في المعتقلات والسجون العراقية حوالى ٧ سنوات وحكم عليه بالإعدام إلا أن محكمة عليا نقضت حكم الإعدام ثم أعلنت وزارة العدل العراقية وفاة الدوسري.