يُعدُّ طريق الحج الشامي من الطرق الرئيسية المهمة، حيث يصل دمشق بالمدينة المنورة، ويبلغ عدد محطاته بين المدينتين 23 محطة يقع معظمها داخل أراضي المملكة، وقد تغيرت أحوال الطريق عبر العصور الإسلامية بسبب تغير الأحوال السياسية، الأمر الذي أدى إلى ظهور محطات ومرافق جديدة في العصور الإسلامية المتأخرة، وهي فترات الأيوبيين والمماليك والعثمانيين، وكان هذا سببا في اختفاء محطات ومرافق كانت عامرة في العصر الأموي والعباسي والفاطمي. ويشاهد أيضًا على امتداد طريق الحج الشامي آثار سكة حديد الحجاز، التي تم تنفيذها في عهد السلطان عبدالحميد في الفترة ما بين عام 1900و1906. وكان طريق الحج الشامي في عهد العثمانيين هو طريق القافلة العظمى للعالم الإسلامي فكان ينضم إليه بالإضافة للشاميين العراقيين والفارسيين وأهل القوقاز ومسلمي الأناضول وأوربا لأمانه وتسهيلاته، بل ذكر المؤرخون أنه سنة971 هجري حجت زوجة الشاة بصحبة الحاج الشامي. ويسلك هذا الدرب الطريق الطبيعي بين الحجاز والشام، والذي عرف باسم التبوكية نسبة الى بلدة تبوك، التي يمر عليها، وهو الطريق المستعمل منذ القدم ولا شك أنه جزء من طريق البخور المشهور في القدم. ويبدأ مسار هذا الطريق من دمشق ويمر ببصرى الشام (درعا)، وبمنازل أخرى أهمها أذرعات، ومعان والمدورة ( سرغ) ثم يدخل الأراضي السعودية، ويمر على حالة عمار، ثم ذات الحاج ثم تبوك، ثم الأخيضر ثم المعظم ثم الأقرع، ثم الحجر، ثم العلا فعبر وادي القرى (المابيات) وفي القرون الثلاثة الأولى كان طريق الحج الشامي يسلك من وادي القرى إلى السقيا ثم إلى بلدة ذي المروة ثم عبر وادي الحمض إلى السويداء ثم إلى الفحلتين ثم ذي خشب ثم المدينة. وحصل تعديل بسيط في الطريق منذ القرن السابع الهجري، حيث من وادي القرى لا يسلكون وادي الحمض، بل يذهبون إلى مغيراء ثم زمرد، ثم بالبئر الجديدة، ثم هدية، ثم الفحلتين، ثم آبار نصيف، ثم الحفيرة واصلا الى طابة الطيبة. لقد مرَّ على الطريق الشامي فترة حرجة في تاريخه بسبب وجود الصليبين في بلاد الشام، فكان الصليبيون يهددون أمن الطريق ويهاجمون قوافل الحجاج التي تسلكه من قلاعهم في الكرك وغريها واستمرت ممارساتهم إلى أن سقطت قلعة الكرك في يد صلاح الدين سنة 584 هـ / 1188 م . و بوصول الأيوبين عاد النشاط والاستقرار إلى الطريق، ونال اهتماما كبيرا من ملوك دمشق الأيوبيين.. ويعد الملك المعظم عيسى بن أيوب أكثر حكام دمشق اهتمامًا بالطريق، وكان والده ضم إليه الكرك والشوبك وتبوك والعلا، وهو الذي أمر ببناء بركة المعظم وبرك أخرى. وخلال العصر المملوكي نال الطريق اهتماما متزايدا من حكام دمشق وزادت أعداد سالكيه من الحجيج، وقد قدّر ابن رشيد قافلة الحج الشامية، التي سار معها سنة 674 هـ / 1286 م بستين ألف راحلة دون الخيل والبغال والحمير.. وتوجد على الطريق نقوش من العصر المملوكي تشير إلى ترميم بعض المنشآت. ذكر الجزيري: أن للحج من الشام طريقا أقصر من طريق التبوكية وكان يستخدم قديمًا، وهو على صرخد (السويداء حاليًا) على تيماء إلى المدينة المنورة وهو أقرب من طريق التبوكية بنحو 6 أيام. وفي القرون الأولى كان الأصل أن طريق الحج المصري يلتقي مع طريق الحج الشامي في السقيا جنوب وادي القرى ثم انقطع هذا وسلك الطريق المصري عبر الساحل من مدين الى مكة لكن في بعض الأحيان وتحت ظروف قاهرة قد يسلك الطريق المصري الجزء الجنوبي من الطريق الشامي (من العلا إلى المدينة)، ذلك من الساحل عبر الفج الواقع غرب مغيرا (الفقير) أو عن طريق بدا ثم يلتقي بالطريق المصري الرئيسي عند الأزلم كما فعل سنة 1196 في طريق العودة. كذلك سلك هذا الطريق الحجاج المصريون سنة 1300 هجري وكان سبب سلوكهم لهذا الدرب عصيان قبيلة حرب على الشريف وهناك طريق آخر بين الحِجر(مداين صالح) وتبوك هو طريق البكرة ويمر عبر منطقة الجو (جو تذرع) ثم يعتلي حرة الرهاة ليهبط على تبوك وكان البدو المحليون يفضلونه على طريق الحجاج.