×
محافظة المدينة المنورة

الأمير فيصل بن سلمان يرأس اجتماع لجنة التنمية السياحية بمحافظة ينبع

صورة الخبر

ترى كم هي كميّة الانتقادات، بل حتى الاحتجاجات والشتائم من كل الأصناف والعيارات، التي يجب ان توجّه الى برنامج تلفزيوني قبل ان يقدم أصحابه إما على إحداث تغييرات فيه، وإما على وقف تقديمه بكل بساطة؟ يُطرح هذا السؤال بشكل خاص على بعض المحطات التلفزيونية اللبنانية التي ما برحت خلال السنوات الأخيرة تستفز مشاعر المتفرجين والناس عموماً بالإصرار على عرض ذلك النوع من البرامج التهريجية/الإباحية الذي يصعب على المرء ان يحدد بدقة الجمهور الذي يتوجه بها اليه، أو الغاية الفنية أو الاجتماعية المتوخاة منه. فهل هو جمهور الكاباريهات الرخيصة الذي تمنعه الأحداث والمخاطر الليلية من مبارحة المنزل ليشفي غليله في تلك الأماكن؟ ام هو جمهور الفن الشعبي الذي يريد ان يمضي ساعة ترفيه لطيفة تعوّض عليه تعب اليوم؟ ام هو جمهور الأطفال والفتيان الذين كانت – ولا يزال بعض – البرامج الحافلة بالفكاهات السمجة والشخصيات القبيحة والحوارات المبتذلة، تعطيه دروساً يومية في «الحضارة» و«التمدن» والحرية «على الطريقة اللبنانية» الفالتة كما يبدو من اي حسّ ذوقي؟ نطرح هذه الأسئلة وفي البال تلك التجارب الفاشلة التي تكررت قبل سنوات قليلة عبر حلقات «النكات» التي سرعان ما اختفت بسرية كما كانت ظهرت بسرية، ومن دون اي مبرّر في الحالتين، مع العلم ان اختفاءها لا يعود الى إدراك متأخر لتفاهتها، بل بالضبط لانصراف المتفرجين والمعلنين بالتالي عنها... لكننا نطرحها – اي الأسئلة – وفي البال ايضاً حالة أخرى – نادرة(!) على التلفزة اللبنانية – هي حالة ذلك البرنامج التهريجي الذي فيما كان كثر من المتفرجين الضجرين ينتظرون حلقته الأخيرة بكل لهفة، ليس لتشوّق اليها بل للتيقن من انها الأخيرة فعلاً، فوجئ المتفرجون بالبرنامج يقدَّم من دون إذن او استئذان وفي آن، على محطتين متنافستين، ما يقترح ان التنافس هنا يدور حول الركاكة والسطحية لا حول الجودة... ولكن ايّ تنافس! على المحطتين الممثلون أنفسهم، الذين يضحون بالتأكيد بمواهبهم استسهالاً واستخفافاً بالجمهور... والحوارات نفسها المتكررة المزروعة بأقبح ما في اللغة السوقية من تعابير وشتائم وأوصاف مستقاة من حدائق الحيوان، وماكياج يدعو اقل الأطفال تربية في اكثر العائلات إهمالاً للأطفال، الى محاكاته، ناهيك عن المواقف التي يبدو هزليو السينما المصرية الجدد من امثال اللنبي ورفاقه، عباقرة بالمقارنة مع القائمين بها... وكل هذا ليس على محطة واحدة، بل على اثنتين، في وقت تختفي فيه برامج كوميدية حقيقية كانت لا تخلو من ذكاء وتفاعل مع الحياة من حولنا، من دون ان يعتذر احد عن اختفائها. فهل يمكن ان يكون لهذا كله، لهذه الفوضى التلفزيونية المستشرية في محطات وبرامج تزداد تفاهة وسطحية يوماً بعد يوم، سوى اسم واحد هو: إفلاس؟