×
محافظة المنطقة الشرقية

تصعيد 345 مريضاً لمشعر عرفات

صورة الخبر

سيئات النظام السوري لا تعني بالضرورة إيجابيات المعارضة، تلك التي أساءت الى الثورة حين غضت الطرف عن المسلحين الإسلاميين المتطرفين واعتبرتهم مقاتلين بالنيابة عنها، بل أوحت أنها تستخدمهم من باب أن لا يفلّ حديد النظام إلاّ حديد الإسلام المسلح، ثم تأتي المعارضة المدنية أخيراً لتقطف ثمار المعارك. ما أصعب الثورات في عصرنا. ويمكن استفتاء عادل لملايين النازحين السوريين أن يقدّم أجوبة ضد المعارضة أكثر منها ضد النظام، والأجوبة ضد الطرفين معاً إذا عبّرت عن الضمير السوري العام. كيف تستقل المعارضة؟ هذا محال، ولكن، كيف يمكن أن يكون لها حلفاء لا أسياد؟ هذا أمر مشكوك بحصوله. لا كلام لـ «الائتلاف» المعارض على أوضاع النازحين السوريين في تركيا والأردن وبلاد العالم الأخرى. الكلام وحده يتوجه نحو لبنان، كأن «الائتلاف» يقول للبنانيين: ها أنا الوصي الموعود بعدما تخلصتم بثورة الأرز من وصاية النظام. وها أنا أتلاعب بتناقضاتكم كما تلاعب النظام خصمي وأستاذي، وأرفع عالياً مقولة حافظ الأسد «سورية ولبنان شعب واحد في دولتين». لبنان خارج الصراع السوري، حقاً، إذ يكفيه أهله والنازحون السوريون يحافظ على أمنهم معاً، في مرحلة اقتصادية وسياسية حرجة، لأن انفجار لبنان يضر بالطرفين ولا يحقق فائدة سياسية للمعارضة السورية كما للنظام. الصراع السوري الحق هو على الأرض السورية وتخوضه بالدرجة الأولى قوى إقليمية ودولية، فيما تحتاج المعارضة الى ما يشبه المعجزة لتواكب الأحداث المتسارعة وتنفض عنها سجالات صغيرة تتحكم بمدمني الجلوس في المكاتب. وفيما يصنّف تقدُّم «داعش» السريع في مجال الأسطورة، يعرف المعارضون السوريون جيداً أن التنظيم الإرهابي دخل الرقة (عاصمته) بعدما أخلاها النظام، وتكرر الأمر في الموصل العراقية بعد انسحاب جيش نوري المالكي بلا أسلحة ولا عتاد. يعرفون ذلك ويتمنون ان يحظوا بأسطورة تعلي شأنهم كما أعلت شأن «داعش»، لكن الأسطورة لا تتكرر. سورية في حاجة إلى معارضتها بقدر حاجة الإقليم والعالم، لكنها لا تلبّي مكتفية بإحساسها بالأهمية، وبأنها ضرورية لأن النظام فقد صلاحيته. وربما تجد المعارضة فرصتها هذه الأيام في طرح الرئيس التركي منطقة عازلة في الشمال السوري يريدها أردوغان متنفساً له لإرضاء الأكراد الذين خذلهم، ولإسكان النازحين السوريين الذين استقروا في مخيمات تركية كما انتشروا في المدن والقرى، متخلصاً من عبء اقتصادي واجتماعي وربما سياسي. مثل هذه المنطقة العازلة تحتاجه المعارضة السورية قبل أي جهة أخرى أو دولة، تحتاج «منطقة محررة» تقيم عليها نموذج دولة المستقبل التي لا تشبه «داعش» ولا نظام الأسد، أي دولة تجمع أطياف السوريين المتنوعة، وتعتبر نواة دولة السوريين الديموقراطية التعددية. المنطقة السورية المحررة من احتلال المسلحين المتطرفين أو من سطوة النظام، هي ما ينبغي للمعارضة ان تعلنها وتسعى الى تحقيقها بمساعدة الأشقاء والحلفاء، وصولاً الى سورية العربية الجديدة. يكفي 250 ألف قتيل و250 ألف سجين و10 ملايين مهجّر أو نازح، ويكفي دخول مجموعات تكفيرية غير سورية تقتل المواطنين بخفة ووحشية. لقد دخل «داعش» في الأسطورة لسهولة انتصاراته، حتى قيل انه يقود جنوداً لا يراهم الناس العاديون، واختلطت الأمور على السوريين حتى أحبطوا أو يئسوا. دولة سورية ديموقراطية تعددية. مطلب الثورة الأول والدائم، وإلا لا معنى لمعارضة تستجدي معانيها الموسمية بكسل صادم.