هذه المؤسسة العاملة القائمة الصابرة تترى عليها السهام من كل حدب، ويحاربها الإعلام، فلا يكف عن نشر مقاطع إهمال وسوء معاملة وتعذيب سكان دور التأهيل من الذين أقعدهم المرض وجمعتهم الحاجة وقلة الحيلة، ومع ذلك فإنها صامدة وماضية في طريقها مهما علا الأنين وزادت الشكاوى، فليست كل الدموع صادقة! آخر هذه الافتراءات من المواطن عائض الحلافي الذي لم يطق الصبر ثلاثة أعوام على غياب الكرسي المتحرك، فطفق يشكوها ويتذمر من خدماتها. المواطن الحلافي مصاب بالشلل الرباعي، ومصنّف لدى الوزارة العتيدة أنه من «ذوي الإعاقة الشديدة»، لكنها لم تستطع خدمته بسبب قصور موازنتها عن توفير كرسي واحد طوال هذه الأعوام، لأنها تريده أن يعتاد الصبر، وأن يتعلّم معنى الكفاح والنضال من أجل قضيته، فلو أن الحلافي نال الكرسي في اليوم التالي لما كانت لديه قـضية ومن لا قضية له لا تأثير له. الوزارة التي تقوم على رعاية شؤون «الغلابا» تعمل وفق «نظام حاسوبي محكم»، وحين توافر الكرسي اتصلت بالحلافي الذي لم يجب فذهب كرسيه إلى غيره. ربما يتساءل بعضهم أليس من مهمات موظفي الوزارة الذهاب إلى المستفيدين وخدمتهم؟ لا طبعاً فهي ليست أقل شأناً من «الداخلية» التي يذهب إليها، فلماذا تتنازل عن موقعها الرفيع وتدخل الأحياء الفقيرة وتلاحق المعوقين من أجل خدمتهم؟ لا أحد يعلم في أي وقت كان الاتصال، وكم مرة تكرر، لكن الثابت أن الحلافي تجاهل اتصال الموظفين المخلصين. الافتراء الآخر من الحلافي أنه ظهر مع داود الشريان في «الثامنة» مستعرضاً مشكلته العويصة، ولولا حلم الوزارة لدانته بحكم نظام إفشاء الأسرار، وظهوره في القنوات التلفزيونية مسيئاً إلى البلد في هذا الظرف الحرج، لكنها رحيمة، فاكتفت برد فضحت فيه عمالته لديها، فهو يتقاضى شهرياً 1166 ريالاً، ثم أعلنت أن قرار منحه السيارة صدر قبل ظهوره في برنامج «الثامنة» بأسبوع، لكنها لم تتصل به ولم تعلمه ولم تسلّمه السيارة لأنها تعمل «وفق نظام حاسوبي محكم»، يا محاسن الصدف! الله يهديك يا داود الشريان لو أنك اتصلت قبل الحلقة بالوزارة لعرفت الحقيقة كاملة. آه صحيح، هم لا يردون على المكالمات الغريبة لأنهم منشغلون بمشاهدة التلفزيون وقراءة الصحف للرد عليها وتفنيد أكاذيبها. كان الواجب عليك أيها المواطن أن تنصب خيمتك أمام الوزارة حتى لا تخسر فرصة الاتصال الذهبي، فهاهو الكرسي ضاع منك بعد أن قامت الوزارة بدورها كاملاً، ولعلك لا تخسر السيارة أيضاً. استناداً إلى رد الوزارة فإن طبيعة عملها أقرب إلى إدارة السجون فهي لا تذهب إلى أحد، بل يقف المحتاجون عند بابها مع أن هذه الإدارة أكثر تفاعلاً ومرونة في التعامل مع سكانها، لذلك فإن الحل الأفضل أن تتولى إدارة السجون مسؤولية الوزارة، لأنها منظَّمَة وتحرص على التحقق من وصول الرسالة واضحة، بينما تحال السجون إلى الوزارة حتى يعرف المسجونون معنى الإصلاح والمعاناة، لأن هذا جزء من العقوبة! هل هناك حال أسوأ من وزارة يظلمها الضعفاء والأيتام والعاجزون؟