تحولت بعض الحدائق العامة في أحياء الرياض- وتحديداً وسط المدينة- إلى مأوى للعمالة المخالفة، أو تلك التي ساءت علاقتها مع كفلائها، بعد أن قطع "النطاق الأحمر" كل حبال المودة بينهما؛ مما اضطرهم إلى التوجه للأماكن المكشوفة والمجانية للسكن بها، حيث دفعهم على ذلك رغبتهم في البقاء بالمملكة ونقل الكفالة، واستثمار فترة تصحيح الأوضاع الحالية. وللأسف أنّ الجهات المختصة لا تزال تتفرج على مثل هؤلاء، حيث تغص بهم بعض الحدائق العامة في العاصمة، -الصور تكفي لشرح هذا الواقع-؛ مما يدفعنا للمطالبة بسرعة ترحيل من يرغب، وإنهاء إجراءات من يبقى بنقله لكفيل جديد، إلى جانب تدخل هيئة حقوق الإنسان في الموضوع، مع ضرورة أن تبقى الحدائق بعيدةً عن تلك التجمعات، لأسباب متعلقة بالأمن والصحة وأكثر من ذلك تطبيق النظام. وقفت "الرياض" ميدانياً على "حديقة الفوطة"، وهي أقدم "بخشة" في مدينة الرياض منذ أن تم افتتاحها سنة 1377ه، وارتبطت بتاريخ طويل، ومثير، وجميل بعبق ذكريات "أيام الطيبين"، مما دفع الأمانة إلى إعادة تأهيلها وتجميلها، إلاّ أنّ عملية التجميل تشوهت، حيث أصبحت سكناً "شعاع نجمة" للعمالة المخالفة، خاصة مع قرب انتهاء مهلة عملية التصحيح,إلى جانب قربها من «المستودع البشري» الكبير في حي «البطحاء» وهو موطن العمالة المخالفة غالباً لقد أصبح افتراش العمالة للحدائق العامة صورة مكررة كل يوم، حيث يقضون فيها ساعات الليل وربما سهروا بها لارتكاب ما الله به عليم داخل الأحياء، وهو مايثير سؤالاً: ماذا عملنا؟، حيث يفتح مشهد هؤلاء العمّال المجال للحديث عن دور مؤسسات وأفراد المجتمع لمعالجة المشكلة عموماً، إذ لا يصح وضع يد على الأخرى في انتظار أن تحل فترة التصحيح مشاكل تراكمت منذ سنين، بينما نتسبب يومياً بتصرفات تضر بالمصلحة العامة، من خلال تحري البعض فرصة التجارة بالتأشيرات، والتستر، وتأجير التراخيص، وغيرها من مسببات تكدس العمالة، وصرنا بشكل أو بآخر شركاء في انتشار عدد من الجرائم والسرقات!، إذ لا تقتصر مشاكل العمالة الوافدة على اقتصاد المملكة فحسب، بل لهم تأثير مباشر على نسيجنا الاجتماعي، فهم قد جاءوا من بلدان تتبنى ثقافات وعادات مختلفة تماماً عن ثقافتنا، بل وتنافي مجتمعنا في أحيان كثيرة، ولا غرابة أن يكون لها آثار تظهر في الأجيال على المدى البعيد.