من الواضح أن جميع الحركات المتطرفة والأصولية والجهادية استطاعت أن تستخدم جميع منتجات العصر لضرب العصر، وجميع منتجات الحداثة لضرب الحداثة، وهي لا تجد غضاضة في استخدام فضاءات العولمة والاتصال من أجل العدوان على العالم. هذا التجنيد الممنهج على الإنترنت هو استخدام عكسي لهدف التقنية، ومثل ذلك يصح على موضوع التواصل إذ تستخدم أحدث أساليب التواصل لغرض الفصل بين البشر وجعلهم في حرب دائمة، ليكون الجميع عدو الجميع، ويصبح الكون غابة موحشة لا يقر فيها أحد ولا يترعرع فيها نبت. لقد شكل نموذج داعش أحدث الصيحات والموضات الإرهابية، لقد كان نموذجا مدويا في كارثيته! قبل أيام كتب الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم مقالة في صحيفة الشرق الأوسط بعنوان: (داعش.. التي وحدت العالم) ومما جاء فيه: قد أثبتت داعش أن العالم أصبح اليوم أكثر عولمة من أي وقت مضى.. لست متشائما بطبعي، بل أنا متفائل، متفائل لأن العالم بدأ يتوحد ويعمل بطريقة متناسقة لمواجهة هذا التحدي، ومتفائل لأن قوة الأمل والرغبة بالاستقرار والازدهار عند الشعوب أكبر بكثير وأقوى بكثير من هذا الفكر الخبيث! الإشارة إلى موضوع العولمة مهم للغاية، ذلك أن هذه الحركات الإرهابية استثمرت الفضاءات التي تقرب من أجل بث ثقافة الاستئصال، ومن المعلوم أن العولمة من أهم المفاهيم التي شرحت قصة اقتراب العالم من بعضه البعض على المستويات الثقافية أولا ومن ثم السياسية والاقتصادية والاجتماعية، أسست العولمة لفضاء من التشارك والتداول بين الثقافات والحضارات، بيد أن المتطرفين استثمروا فضاءاتها من شبكات الإنترنت وإلى سهولة التنقل وثغرات الأموال وسواها لغرض ضرب كل هذا الكون من أقصاه إلى أقصاه. مقالة الشيخ محمد واضحة وبليغة ومتأنية، فالقضاء على هذا الفكر كما قال لابد أن يكون بالسلاح والفكر معا، لئلا يعاود الظهور مرة أخرى. نقلا عن عكاظ