المطوف.. والذكريات عبدالرزاق سعيد حسنين نعم.. هي الذكريات ننسجها بخيال وآهات نسترجعها ونستذكر الماضي الجميل لذلك المطوف الذي خصه الله سبحانه وأكرمه بالتشرف في خدمة ضيوف الرحمن..وكم للحج عندي وعند الكثيرين حلو الذكريات فحج ذلك الزمان كنا نستعد له بالعديد من الأشهر بدء ببرقية من مكتب الوكلاء بالمطار مفادها: المطوف فلان المحترم يصلكم (عدد 12حاجا قادمون من البلد الفلاني على الرحلة رقم كذا ليوم كذا) وكم كانت الفرحة تعم الدار كله حتي أمهاتنا رحمة الله عليهن كن يستبشرن بقدوم الحاج ولا غريب في الأمر فذاك ضيف الله قادم الذي كنا نستعد له بطبيخ وتجهيز مساكن منعمة بدوارق زمزم مبخرة يوزعها الأخوة الزمازمة الكرام ونستقبلهم أيضا بمشروبات حلوة وشاي بأطيب النكهات في برزة مجملة بإنارة وكرويتات.. وإن استقر ذلك الضيف الكريم واستراح من سفر يصطحبه إبن مطوف للطواف والسعي وقد كنا نحغه بعظيم مشاعر الفرح وكذا بتهليلات وترحاب و(أهلا وسهلا ويا هلا ومرحبا) وكنا نزف بهم البشرى لأهل الحي وبكل زقاق يمرون به في طريقنا إلي المسجد الحرام وبعد سكون الحجاج لأيام بمكة المكرمة في دارهم تجهز لهم الحافلات التي كانت بدائية وبلا تكييف (الزيتوني والمنقاوي وأبو عيون)التي تقلهم للمشاعر بدءا بالتروية بمنى.. ولنا في تلك الخيام ذكريات فمجهود أسبوع لنصبها والصواوين وفرش حنابل وبرادات حافظات ثلج وأتاريك القاز(أبو طربوش)قد يأتي عج غبار ومطر غزير بلطف الله يفسد ما بنيناه وتشتد العزائم بعده بتعاون الجميع لإعادة التشييد مرة أخري قبل وصول الحجيج وكنا نطبخ غداء يوم عرفات على نار حطب نوقده بين المخيمات تتبعه نفرة إلى مزدلفة ومبيت في منى يعودون بعدها بأيام إلى بلادهم بسلامة الله في وقت كانت فيه وسائل النقل والطرقات بسيطة وتستغرق الساعات الطوال إذا قورنت بأيامنا المعاصرة إذ تغيرت الأحوال وأصبحت بفضل الله ثم حرص حكومتنا السعودية حفظها الله الحريصة على راحة ضيوف الرحمن صارت رحلتهم إلى المشاعر المقدسة من أسهل الأسفار بالعديد من الطرقات مدعومة بالحافلات المكيفة وقطار الخير والحمد لله..وخلاصة القول كان للمطوف الدور الرئيس في خدمات الحجيج بخلاف ما نشهده منذ عدة سنوات إذ زاحمه في مهنته البعثات المسماة بمكاتب شئون الحج والشركات التابعة لها والحديث عن ذلك يطول.. أسأل الله القدير أن يجعله موسم خير وبركة علينا وعلي الأمة الإسلامية أجمعين..