هذا حال الدنيا. ولله كل ما أعطى، ولله ما أخذ.. قبل أيام فقدت قبيلة السهلية من حرب، الإنسان الفاضل الوقور مسند بن سنيد أبو ربعة السهلي الحربي، وكان الخبر بمثابة الصاعقة التي يصعب احتمالها.. وهذا الإحساس شعر به كل فرد من أفراد القبيلة، وقد رأيت علامات الحزن الشديد على فراقه الظاهرة على وجوه الكبار والصغار الذين حضروا من مدينة اليتمة، ومن كافة مناطق المملكة للمشاركة في حمله على أكتافهم، وتشييع جثمانه الغالي إلى مثواه في بقيع الغرقد بالمدينة المنورة، بعد أن أدّيت الصلاة عليه بعد صلاة العشاء بالمسجد النبوي الشريف. جعل الله قبره (روضة من رياض الجنة). والجموع التي حضرت بأعداد هائلة من أفراد القبيلة، ومن غيرهم تدل دلالة الواضحة على محبة الناس لهذا الرجل الذي كان يشغل وكيل شيخ القبيلة، ويوصف في حياته بالرجل المناسب بالمكان المناسب. وأبو ناصر له القدم الراسخة واليد الطولى في خدمة أفراد قبيلته. ومحبوب عند الكبير والصغير، وتوجيهاته وإرشاداته تجد من الجميع الأذان الصاغية والقلوب الواعية. وما يأمر به يقابل بالقبول والطاعة لأنه لا يأمر إلاّ بحق. ومن صفاته أنه يشارك أفراد قبيلته أفراحهم وأتراحهم على السواء، ويشرف كل مناسباتهم عندما يدعى لها. وهو رجل محنك يجيد لغة الحوار وآدابه، ويحترم الخصوم عند حضورهم إلى مجلسه، وينظر للقضية مدار النزاع بكل تمعن وعناية واهتمام، ويستمع إلى دعوى المدّعي ودعوى المدّعى عليه، ويطلب البيّنات، ويحكم بالأدلة والبراهين القاطعة. ولفراسته في حل الكثير من المشكلات يأتي عليه بعض الخصوم من القبائل الأخرى للفصل بينهم لعدله ونزاهته. ونسأل الله بأسمائه الحسنى، وصفاته العليا أن يغفر له، ويسكنه فسيح جناته، وأن يرزق عقبه من الرجال والنساء وكل إخوانه وجميع أفراد قبيلته وأقاربه وأصحابه الصبر والسلون. هليل بن راشد السهلي - اليتمة