# استمعت قبل بضعة أيام إلى مداخلة هاتفية مؤثرة جداً لأحد المتصلين بإذاعة يو إف إم، من خلال البرنامج الصباحي اكتيفتي. وكان موضوع النقاش متركزاً حول التصريح القضية لوزير الاقتصاد والتخطيط الدكتور محمد الجاسر، الذي ذكر فيه أن المواطن السعودي يعيش في رفاهية عالية . # وهو ما يظهر أنه استفز أحد المستمعين، الذي اتصل بالبرنامج، وعرّف بنفسه أولاً بأنه أحد رجال الأمن العسكريين، واسمه أحمد، ثم تساءل بحرقة بالغة: كيف يقول وزير التخطيط والاقتصاد ذلك والمواطنون ثلاثة أرباعهم لم يجدوا السكن؟ وكيف يقول ذلك وكثير من الشعب طفارى؟ ثم استشهد بقصة مؤثرة جداً، وقعت قريباً لأحد زملائه العسكريين، وتحديداً بتاريخ اثنين وعشرين من الشهر الهجري الماضي. يقول أحمد: اتصل علي زميلي بالعمل طالباً مني مبلغ ألف ريال ديناً؛ إذ إنه يحتاج إلى المبلغ للضرورة القصوى؛ وذلك لكي يتمكن من إتمام مراسم جنازة وقبر والده!! # يواصل أحمد بتأثر بالغ من هول الموقف: ذهبت فوراً، وبعت جوالي من أجل توفير المبلغ لزميلي. ثم انهار باكياً على الهواء، ولم يتمالك نفسه، وأخذ يبكي في موقف أبكى الكثير من المستمعين للمداخلة. طبعاً المقطع موجود ومرفوع باليوتيوب لمن أراد الاستماع له تحت عنوان استياء أحد المواطنين ينتهي بالبكاء بعد تصريح وزير التخطيط حول رفاهية المواطن السعودي . # القصة السابقة قد يصفها البعض بالمبالغة وعدم الدقة، لكن هذا حديث الرجل، وهو المسؤول عنه أمام الله تعالى. لكن دعونا نأخذ الموضوع من جانب آخر، ونتساءل بحكم احتكاكنا المباشر بإخواننا في السلك العسكري، وتحديداً الأفراد، وفي جميع القطاعات، خاصة الجيش: ألا تلاحظون أن وضع الكثير منهم المادي ضعيف جداً، وأنهم يضطرون للاستدانة دوماً بعد مرور أيام قلائل من بداية الشهر؟ وللتأكيد أكثر على ذلك، اذهب إلى مكاتب العقار المنتشرة بمناطق السعودية، خاصة التي يوجد بها العسكر، ولاحظ ردة فعل صاحب المكتب حين تطلب منه إيجار شقة، ويعلم أن المستأجر عسكري!! # لنتوقف أولاً عند الوضع المادي للأفراد العسكريين تحديداً. فلم يعد خافياً على أحد ما يتردد في المجالس التي لا تخلو من إخواننا العسكريين؛ إذ تتركز جل أحاديثهم حول صعوبة تكاليف الحياة والوضع المادي المتردي بالنسبة للكثيرين منهم، خاصة في ظل بعض الأنظمة العقيمة والقديمة جداً في بعض القطاعات العسكرية التي يتبعون لها، والتي لم تتحدث بالشكل المطلوب، ولم تتواءم مع ظروف واختلاف الحياة المعيشية الحالية عن السابقة تماماً، إضافة إلى أن من يقوم على وضع نظام الأفراد ليسوا من الأفراد العسكريين، وإنما من فئة الضباط والمستشارين الذين لا يقارن وضعهم المادي بوضع الأفراد؛ لذلك لا يمكن أن يشعروا بالمعاناة نفسها التي يحس بها الفرد العسكري. # وسنحاول هنا استعراض أبرز ما يتردد على ألسنة الأفراد العسكريين، وأبرز ما يعانونه، وأبرز ما يطالبون به: # الأفراد العسكريون يعانون تأخر الترقيات، والتطويف بالسنوات في رتبة واحدة، وعدم احتساب العلاوات المستحقة من تاريخ الاستحقاق للرتبة الجديدة أسوة بالضباط. والأفراد يعانون ضَعف العلاوة السنوية التي قد لا تصل خلال عشر سنوات إلى 1500 ريال!! # الأفراد العسكريون، وتحديداً في الجيش بوزارة الدفاع، يعانون أيضاً ضعف الرواتب أسوة برواتب زملائهم في وزارتي الداخلية والحرس الوطني، وفي المجمل رواتب الأفراد في جميع الوزارات السابقة تحتاج لإعادة نظر. # الأفراد العسكريون يعانون عند التقاعد ضعف الرواتب ونزولها إلى نحو النصف أو أكثر من الراتب الأساسي، خاصة مع ذهاب البدلات، ويعانون تعقيدات متكررة عند طلبهم الحصول على إجازاتهم السنوية المستحقة، ويعاني كثيرون منهم حرمانهم من بعض البدلات التي يرون أنهم يستحقونها أسوة بزملاء لهم، مثل بدل الخطر وبدل الإرهاب، وغيرها من البدلات المعروفة. # الأفراد العسكريون يحتاجون إلى أن تضمهم إسكانات المدن العسكرية الموجودة في معظم مناطق السعودية من خلال العمل على رفع الطاقة الاستيعابية لتلك المدن؛ حتى يمكن أن تستوعبهم، إضافة إلى توفير بدل سكن لهم في المناطق التي لا توجد بها مدن عسكرية. # الأفراد العسكريون السعوديون يفترض توفير ما يضمن لهم حياة كريمة، تجعلهم يمارسون واجبهم وعملهم، لا نقول بكل حماسة وإخلاص؛ فهي غريزة فيهم أصلاً - ولله الحمد - لكن بما يضمن لهم راحة البال على من خلفهم من أسرهم وذويهم من خلال مقدرتهم على توفير كل ما يحتاجون إليه. # أخيراً، هذا بعض ما لمسناه من واقع التعايش مع إخواننا الأفراد العسكريين. ولفظ الأفراد العسكريين هنا لا يقتصر على أفراد الجيش فقط، إنما الأفراد في جميع القطاعات العسكرية، سواء في وزارة الدفاع أو الداخلية أو الحرس الوطني وفي المنافذ والجوازات والجمارك وحرس الحدود، وغيرها.