يبدو أن الكل قد أجمع وبقناعة تامة، على محاربة داعش والنصرة وكل فرق الضلال والفتنة والتوحش. تلك التنظيمات الإرهابية التي امتهنت القتل والدمار والخراب، وتخصصت في صناعة الموت والإجرام والتصفية، وقدمت نفسها كجماعات خارجة عن كل الأعراف والتقاليد والأخلاق. القاعدة وطالبان وأبو سياف وبوكو حرام وداعش والنصرة وخراسان وغيرها من الفرق والجماعات الإجرامية التي مارست القتل والذبح والبشاعة، شر محض وسلوك منحرف وفكر شاذ، ولكنها جميعاً تشترك في إيجابية واحدة إذا جاز لنا أن نقول ذلك طبعاً وهي ممارسة التوحش والفظاعة بدون استحياء أو مواربة، بل على العكس تماماً، فهي تُفاخر بتلك السلوكيات السادية البشعة، وتُعلن صراحة عبر مواقعها ومراكزها المشبوهة عن كل جرائمها وتوحشها وجنونها. إذاً هي، وقبل أعدائها، تُعلن صراحة عن مخططاتها الإجرامية لتكوين "الخلافة الإسلامية" المزعومة، وهي أكذوبة مفضوحة، لأنها أبعد ما تكون عن خلق وسماحة ونقاء الإسلام المحمدي الأصيل الذي يدعو للمحبة والتسامح والتآخي وقبول الآخر. فالآن، يمر العالم بأسره، في مفترق طرق، ولا مجال أبداً لقبول مثل هذه التنظيمات الإرهابية أو من يتعاطف معها، فضلاً عن من يدعمها ويُشجعها. ماذا فعل بنا هذا الفكر الضال؟ لقد شوّه صورتنا المهزوزة أصلاً، سواء في نظرنا أو في نظر الآخر. فمنذ أحداث 11 سبتمبر، سيئة الصيت، والعالم العربي، بل والإسلامي، يتعرضان لهجمة شرسة من الكثير من الدول والتحالفات والدوائر العالمية. مسلسل ميلودرامي طويل، يتضمن الكثير من مشاهد وأحداث وكوارث وأزمات، مرت بها هذه المنطقة المضطربة، ولكن تنامي الفكر الشاذ والمنحرف، كان ومازال، أحد أهم المصائب والركائز الكبرى التي تسببت، وبشكل كبير في تراجع الدور العربي والإسلامي في نهضة المجتمع الدولي. إن "خارطة الفوضى" التي يُراد لها أن ترسم واقعنا العربي، عبر هؤلاء الخوارج والمارقين، لا يمكن لها أن تنجح في هذه الأرض العربية، موئل الحضارات المتعاقبة ومهد الرسالات السماوية الخالدة. ومهما انطلت بعض الألاعيب والخدع التي يستخدمها قادة ومروجو الفكر الضال، على البسطاء والمخدوعين والطائفيين، إلا أن التجربة الإنسانية الطويلة التي تختزنها الذاكرة العربية، القديمة والحديثة، رفضت الكثير من تلك الاختراقات المتطرفة في عمق الفكر والمزاج العربي، ومهما حاولت تلك الجماعات والتنظيمات الإرهابية اختطاف حالة "الرشد الإسلامي" الذي تأسست عليها قناعة الأغلبية الإسلامية على امتداد المحيط الإسلامي، ومهما حاولت شرذمة باغية، من هنا أو هناك، فرض واقع جديد، لتمارس فيه توحشها وبشاعتها وجنونها، مستغلة حالة الارتباك والاهتزاز التي يمر بها عالمنا الإسلامي، إلا انها الآن تواجه ضربات قوية وموجعة، ستفقدها توازنها، بل ووجودها الكريه. إن إرادة المجتمع الدولي بالكامل، عزمت على القضاء على كل ذلك العبث والإرهاب والتوحش الذي تُمارسه هذه المنظمات والجماعات الإجرامية التي أصبحت كالسرطان الذي ينخر في جسد العالم، كل العالم. جهاد المناكحة وبيع النساء والنحر والتمثيل بالجثث والإعدامات العبثية والتكفير وقتل الأبرياء، وكل مظاهر الإجرام والتوحش التي أصبحت ماركة مسجلة لتلك التنظيمات والجماعات الإرهابية، تدق ناقوس خطر، وتُهدد أمن واستقرار وسلامة مجتمعاتنا العربية والإسلامية. نعم، لدك جحور ومعاقل هذه التنظيمات الإجرامية في كل مكان، ولكن قبل كل ذلك، لابد من تجفيف كل البيئات الحاضنة لهذا الفكر المنحرف. أظن، أن الإجابة على السؤال:العنوان أعلاه، لم تعد صعبة ومعقدة!