أحدهم قرر الهجرة بطوعه واختياره إلى إحدى الدول الغربية واختار كندا لتكون هي المحطة المفضلة لذلك، وفي أثناء تجواله ليحدد منطقة ليشتري فيها مقر إقامته التقى أحد الأخوة العرب السابقين إلى الهجره منذ خمس وثلاثين سنة ودار بينهما حوار مفاده ان السابق للهجرة يريد أن يعود إلى بلاده فأخذ يبيع ما يملكه عن قناعة بوجوب عودته إلى وطنه، فوقف صاحبنا حائراً بعد عدة أسئلة وتساؤلات، عقبها طرح على نفسه سؤلاً هاماً وكبيراً هل أحتاج إلى خمس وثلاثين سنة لأصل لهذه القناعة. واتخذ بعد هذه المحادثه قراراً حاسماً بإلغاء فكرة الهجرة والعودة لوطنه متخذاً على نفسه عهداً بعدم التفكير في ذالك مستقبلاً. من هذه الحادثه نستلهم العبر والدروس وبودي لو اجري لقاء تلفزيوني مع ذلك الشخص أياً كانت جنسيته ليعطينا وصفاً حياً لما انتابه من شعور وحب للوطن واعتزاز به وفي نفس اللقاء يكون أخونا المهاجر وكيف وصل لتلك القناعة بعد مدة طويلة من الهجرة ذاق فيها ما ذاق من الحسرة والنكد مهما كان في ظاهرها من النشوة والشعور بالأمان الاقتصادي والاجتماعي. توارد لذهني هذا الموقف ونحن نعيش ذكرى اليوم الوطني والذي فيه نستشعر ما امتن به علينا ربنا وخالقنا سبحانه وتعالى من نعم لا تعد ولا تحصى تستلزم الاعتراف بها وشكره عليها أملاً فيه عز وجل أن يديمها علينا ويزيدنا من نعمه وكرمه الذي لا يحد بحد ولا يقاس بمقياس، وأهمها نعمة الإسلام والإيمان التي لا توازيها نعمة وما يليها من الأمن والأمان ورغد العيش وسعة الرزق والصحة وغيرها من النعم. صحيح ان ذلك الشعور يجب أن يلازم الإنسان دائماً وفي كل حين ولا يقيد بيوم أو سنة لكن التذكير مطلوب وشحذ الهمم حاجة تتطلبها النفس البشرية فقد تعتريها الغفلة وينسيها الانشغال بالدنيا عن تقدير وتشخيص ما هي فيه من حال. هذا من جانب، ومن جانب آخر فبلادنا تعيش مرحلة من أهم مراحل وجوب الإحساس والمشاركة بالشعور العملي بالمواطنة لمواجهة قوى الضلال والدمار والخراب والإرهاب الذي لازال ينخر في مجتمعنا ويأخذ من شبابنا وقوداً يشعل به النار التي تأتي على الأخضر واليابس، تلك قوى الشر التي تتآمر على الإسلام والمسلمين ولن يهنأ لها بال أو يستقر لها حال إلا عندما ترى مجتمع العقيدة والإيمان يتهاوى ضحية للصراعات بين أفراده وجماعاته فمن واجبنا وقد عرفنا ذلك وتيقنا من حقيقته ان نسعى جاهدين لمنعهم من التمكين وتحقيق مآربهم، حمى الله بلادنا وبلاد المسلمين من كيد الكائدين وعبث العابثين إنه جواد كريم.