×
محافظة حائل

مرور حائل ينجح في تنظيم الحركة في اليوم الوطني

صورة الخبر

تعهد الرئيس الأمريكي باراك أوباما، بقتال الدولة الإسلامية في بلاد العراق والشام (داعش) من خلال تحالف دولي كبير. ولكن الطريقة العسكرية وحدها – سواء استوجبت نشر قوات على الأرض أم لا - لن تكون قادرة على تحييد هذه المنظمة الإرهابية دون عاملين رئيسيين مهمين هما: الأول عملية تصالح وتوزيع أوضح للسلطة في العراق، والثاني تمكين المعارضة المعتدلة في سورية. استراتيجية مزدوجة ولكن يبدو أن الاستراتيجية التي سيعتمدها التحالف الغربي العربي الجديد ضد التهديد الذي تشكله الدولة الإسلامية في بلاد العراق والشام لا تزال تحيط بها جوانب من عدم الانسجام. وقد وعد الرئيس أوباما في خطابه الرئيسي الذي يتحدث فيه عن حرب أمريكا الجديدة ضد داعش بأنه لن يكون هناك وجود لقوات أمريكية مقاتلة على الأرض. وفي وقت لاحق قال الجنرال مارتين ديمبسي، رئيس هيئة الأركان المشتركة إن من الممكن أن يوصى بوضع قوات أرضية في المستقبل. إضافة إلى ذلك، نشرت صحيفة الواشنطن بوست تقريراً يفيد بأن الجنرال لويد أوستن المسؤول عن القيادة العسكرية التي تشمل العراق وسورية وأفغانستان أوصى باتباع استراتيجية تعتمد على عمليات تقوم بها مجموعة صغيرة من قوات المليشيات الخاصة تقاتل إلى جانب قوات الأمن العراقية والكردية. الخلاف الداخلي ليس هو المشكلة الوحيدة المتعلقة باستراتيجية أوباما. هدد أوباما بأنه سوف "يقوض ويدمر" هذه المنظمة المتطرفة، ولكن الدولة الإسلامية أصبحت جيش رعب بحيث لا يمكن هزيمته إلا من خلال حرب واسعة النطاق يرافقها قتال جاد في كل من العراق وسورية. يقول هلال خشان، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأمريكية في بيروت: "ستحتاج هذه الحرب في الحقيقة إلى سنين عديدة، واتخاذ إجراء عسكري مباشر في كل من الحدود العراقية والسورية لهزيمة داعش". وإضافة إلى التعهد العسكري الواسع الذي قدمته دول التحالف الجديد بقيادة الولايات المتحدة، فربما تحاول هذه الدول إيجاد أجوبة لعدة أسئلة لكي تهزم داعش، مثل كيف استطاعت داعش النمو في سورية والعراق وتحصن نفسها داخل السكان المحليين من السنة؟ من الممكن أن يؤدي الهجوم العسكري على مراكز داعش ومخزونها من الأسلحة إلى إضعاف هذه المنظمة ولكنه لن يدمرها. وقد ذكرت مصادر أمنية لبنانية أن داعش اتخذت بالفعل إجراءات لإخلاء مراكزها العسكرية وإعادة نشر قواتها داخل المدن وفي المناطق الحضرية. ويضيف خشان: "تعمل الولايات المتحدة على تشكيل قوة سنية لملء الفراغ الذي ستتركه داعش وراءها بعد الهجمات العسكرية في العراق ، الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى نشوء نموذج فيدرالي". وسواء كان النموذج الفيدرالي مؤكداً أم لا، إلا أنه يلزم الخطة الغربية دفع الحكومة الجديدة نحو معالجة أسباب الصراع الطائفي والوصول إلى تسوية دائمة، وهي العملية الضرورية لأية جهود تبذل لبناء دولة في العراق. التئام العراقيين كشف نوري المالكي بعد أن أصبح رئيساً لوزراء العراق في عام 2006 عن خطة للتصالح الوطني، وهي التي تم إجهاضها بسرعة بسبب الممارسات الطائفية التي اتبعها رئيس الوزراء. وقد أكدت تصريحات الجنرال ديمبسي الأخيرة ذلك الواقع. وقال ديمبسي إن التقييم الذي طلبه البنتاجون في الشهر الماضي استخلص أن جنود القوات الخاصة سيكونون قادرين فقط على العمل كمستشارين مع 26 لواء من أصل 50 لواء مقاتلاً في العراق. وأضاف أن الـ 24 لواء الأخرى تعتبر طائفية لدرجة لا يمكن الاعتماد عليها. لن تكون الطائفية قاعدة للتصالح. وعلى الرغم من أن مسؤولية ذلك وقعت بشكل كبير على عاتق المالكي والأحزاب التي شكلت حكومته، إلا أنه كانت هناك جهود منسقة بذلها سياسيون ومجموعات مسلحة وقوى خارجية كان لها دور عملي في تشكيل الانقسامات الطائفية في العراق. ولكن أظهرت داعش أن مثل هذه الممارسات لن تكون سياسة مستمرة في العراق وأن المصالحة لم يعد بالإمكان تأجيلها. ولأجل ذلك من الواجب اتخاذ عدة إجراءات. ومن الضروري أن تعالج الحكومة العراقية المخاوف المشروعة التي أثارتها المجتمعات المتواجدة حول المناطق السنية العراقية. ويجب أيضاً أن تتخلى المجموعات المسلحة عن العنف وتلتزم بالعملية السياسية. ويجب استئصال جذور الفساد وبناء مؤسسات أفضل تحكم حسب المصالح الوطنية وليس لحساب دوافع طائفية، باعتبار ذلك هو السبيل الوحيدة للسلوك المشروع. ويجب أن تتحقق العدالة لضحايا الجرائم الطائفية. وأخيراً لن تكون الضربات الجوية التي ستمتد عبر العراق وربما في عمق سورية كافية دون استهداف شبكات تمويل "الدولة" وعملياتها اللوجستية، وحتى ذلك ربما لا يكون كافياً إذ لن ينجح الإجراء العسكري إذا لم تعالج المخاوف العميقة للمجتمعات السنية في العراق، وهم الذين منعتهم الحكومات الطائفية من ممارسة السلطة الحقيقية والتمثيل والعدالة الأساسية في كلا البلدين. كما أنه من الضروري أن تعيد الولايات المتحدة إشراك بعض قادة القبائل السنية من الذين قاتلوا في السابق ضد فصائل أبو مصعب الزرقاوي. العراق بحاجة إلى جيش موحد يقوم على التوافق الوطني وينبذ الميليشيات والتأجيج الطائفي . تمكين السوريين يجب تطبيق استراتيجية مماثلة في سورية. قال وزير الدفاع الأمريكي تشاك هاجيل إن البنتاجون يهدف إلى تدريب عدد يصل إلى5 آلاف من مقاتلي المعارضة في العام القادم. ولكن يبدو أن هذا الرقم وحده سيكون عدداً صغيراً جداً عند النظر إلى قوات داعش التي تضم تحت قيادتها نحو30 ألف مقاتل. وسيكون من الضروري إعادة هيكلة كل قوى الثوار لتتحول إلى قوة متماسكة موحدة. وقد تم إضعاف هذه الوحدة الممكنة بالفعل باستهداف لاعبين سياسيين أساسيين في سورية. ففي الأسبوع الماضي تم محو قيادة أحرار الشام كلياً عن طريق هجوم غريب، وفي حين أن من يقف وراء هذا التفجير لا يزال غير معروف حتى الآن، إلا أن من المرجح أن يستفيد من ذلك كل من النظام السوري وداعش. كما استهدف سلاح الجو السوري جمال معروف، وهو لاعب أساسي بين الثوار السوريين المعتدلين. ولذلك أصبح من المهم حماية مثل هذه الأطراف والشخصيات إذا أريد لمثل هذه القيادات أن تقود ثورة جديدة. وإلى جانب العمل على إجراء تصالح بين اللاعبين العسكريين الرئيسيين في الثورة، فسيكون من الضروري أن يوفر التحالف الجديد التدريب والأكثر من ذلك الأسلحة. وقد رصدت الإدارة الأمريكية مبلغ 500 مليون دولار لخطة أعلن عنها في شهر حزيران (يونيو). ويقول خشان: "ولكن الثوار السوريين لا يحتاجون فعلاً إلى المزيد من التدريب أو الرجال، وإنما هم بحاجة إلى السلاح". فقد طلب الثوار السوريون المزيد من الأسلحة الفتاكة مثل الأسلحة المضادة للطائرات والمضادة للدبابات، إلا أن الإدارة الأمريكية قاومت توفير الأسلحة القوية التي طلبها الثوار، مثل صواريخ أرض جو، خوفاً من احتمال الاستيلاء عليها أو استخدامها ضد أمريكا أو حلفائها. ويقول خشان: "تتغير مجموعات الثوار الأسماء والولاءات كل يوم، وبسبب الخوف من ذلك، منع الغرب تزويدهم بأسلحة فتاكة"، وهم يحتاجون إلى ذلك لإعادة هيكلة أنفسهم. هذه الاستراتيجية المزدوجة تسير جنباً إلى جنب مع الاستهداف العسكري لداعش. المواقف تتصلب في الوقت الحاضر، كما أن الانقسام الطائفي يصبح بصورة متسارعة يوما بعد يوم متجذر في المجتمع سواء كان في العراق أو سورية. هناك هدف واضح من قبل داعش وهو تعميق الخلافات الطائفية، ويبدو أنها تنجح في ذلك، ومن دون المصالحة، لا يمكن أن يتحقق سلام في العراق أو سورية، حيث إن النزاع تتردد أصداؤه في جميع أنحاء الشرق الأوسط.