كل الظواهر الكارثية لا تستأذن أحدا. الإرهاب نبت وزرع وسقي ولم يأت فجأة، ساهمت بولادته الخطابات الصحوية التحريضية والأدبيات الإخوانية التربوية والمحاضن والمخيمات، كل هذه ولدت الإرهاب بين الجيلين من السعوديين. نتذكر أن المخيمات التي تقام في أبها في الثمانينات والتسعينات كانت تستخدم فيها أدبيات التدريب والسير على الجبال، واستعمال السلاح أحيانا لحراسة المخيم، والصدح بالأناشيد الجهادية وهناك كتب عديدة تتداول حول «التربية الجهادية» فلا معنى للحديث عن أن الإخوان أو الصحوة (السرورية) بريئة من هذا العنف. من هنا فإن هناك زراعة وسقاية للإرهاب، وإن أردت أن تعرف من الذي وراء هذا العنف «فتش عن الذين تلكأوا بإدانة داعش»! قبل أيام أعلنت جامعة الإمام أنها تفحص عبر لجان خاصة الكتب والمراجع البحثية في مكتباتها، للتأكد من خلوها من الأفكار الضالة، والبحث عن الكتب غير الجيدة، لإبعادها عن الطلاب والطالبات فورا، الجامعة رأت أن فتح المكتبات للطلاب والطالبات لا يكون إلا بإذن مسبق لاستفادة الطلاب من الكتب في إثرائهم العلمي، وأن الجامعة حريصة على أن تكون كل الكتب الموجودة في مكتباتها خالية من التطرف والتحزب. هذه الخطوة مهمة، لكننا نلعب على أنفسنا إن قلنا إنها ليست متأخرة، إذ السؤال كيف دخلت هذه الكتب؟ وكيف وضعت بالمكتبة؟! هناك محاولات متأخرة لتدارك الإرهاب والتطرف وكأننا نكرر نفس الخطأ إبان ولادة تنظيم القاعدة حين صرح الأمير نايف بأن من الإرهابيين من هم أكاديميون! ويذكرنا هذا بالقول المصري «رمضان فاجأنا السنة دي»، وحال بعض المؤسسات من جامعة الإمام إلى وزارة الشؤون الإسلامية «الإرهاب فاجأنا». لقد دفع المجتمع السعودي ثمن تغافل وصمت بعض المؤسسات عن بذور الإرهاب، وحين ولدت شجرته أرادوا قصها بعد أن تصلبت وترعرعت وأخذت جذورها مساحة من الأرض. اضربوا الإرهاب مبكرا، والتصرفات المتأخرة لن تجدي كثيرا، لقد غفلوا عن بذور ولدت حقلا من شجر الإرهاب السام القاتل.