من متطلبات الاتساق مع هوية وطنية أن نرى التطور الذي عليه بلادنا وننعم به، هذه مكتسبات وطنية وهي تلبي معظم حاجات المواطن، لكن علينا أن نسعى لنكمل الناقص، ذلك أن الحاجات متغيّرة بتغيّر الزمن. وأول أسئلة اختبار الزمن الذي يواجه هويتنا الوطنية هو سجل تحقيق حاجات المواطن تمنحنا ذكرى اليوم الوطني الرابع والثمانين فرصة للتفكير في علاقة هذا اليوم الأغر بهويتنا الوطنية السعودية وبكوننا مواطنين سعوديين. مثل أغلب دول العالم فإن هوية المملكة الوطنية دائما تتطور أو يجب أن تتطور. وتمر هويتنا الوطنية لاختبار الزمن وفي الأيام الماضية رأينا بأم أعيننا ما سمي في الصحافة البريطانية باختبار الزمن، وكيف تم اجراء استفتاء على مكون مهم من مكونات هوية المملكة المتحدة الوطنية، وهو استقلال اسكتلندا عن بريطانيا. مع العلم أن بريطانيا من أقدم الدول على الخريطة السياسية المعاصرة، فإن هذا لم يمنعها من الاقدام على مغامرة تطال هويتها الوطنية. لكنه يعني بالمقابل أن الدول الحديثة تراجع هويتها الوطنية باستمرار أو يُخضعها الزمن لاختباره. مازالت المملكة العربية السعودية دولة شابة في السياق الدولي وفي خط الزمن التاريخي، وعندما ننظر إلى دول في عمر المملكة مثل: مملكة النرويج أو استراليا أو حتى أوغندا فإنه من السهل جدا أن نرى أن بناء الهوية الوطنية السعودية يسير في اتجاه صحيح ومتئد لصهر مكونات الوحدة السياسية التي صنعها الملك عبدالعزيز رحمه الله منذ أربعة وثمانين عاما. بينما الدول الثلاث المذكورة أعلاه لا زالت تواجه بين الفينة والأخرى اختبار الزمن لهويتها الوطنية. إن إيجاد هوية وطنية national identity ليس بالأمر الهيّن، فلا زالت الدول الثلاث مع الفارق في مستواها الحضاري والثقافي تشتكي من اختلافات تطال بنيتها المتعلقة بالهوية الوطنية. والحق أننا نرى أن الهوية الوطنية وبناء الدول لا زالا يمران باختبارات الزمن في كل مكان من اسكتلندا إلى العراق. أما في حالة بلدنا المحروس بإذن الله فقد قطع زمانين من أزمنة الدولة السعودية الثالثة: الأول منذ دخول الملك عبدالعزيز الرياض في صبيحة 15 محرم/ 1902م والزمن الآخر حصول المملكة على الاعتراف الدولي بداية من شهر فبراير عام 1926م ثم توحيد مسمى المملكة العربية السعودية تنفيذًا للأمر الملكي رقم 2716 وتاريخ17/ جمادى الأولى/ 1351ه الموافق عام 1932م وهذا يعني أن بلادنا مرت باختبارين يتعلقان بهويتها الوطنية. وقد اجتازتهما ولله الحمد بنجاح تام. تحتاج الهوية الوطنية إلى إجراءات متجددة لتبقى صلبة ومتسقة مع التطور الذي يشهده العالم. لا تستطيع أي دولة أن تحصن نفسها من انهيار هويتها الوطنية، إلاّ إذا كانت الهوية الوطنية صلبة لا يهمها ولا يزعجها اختبار الزمن الذي تجد نفسها أمامه. الطموح الذي عليه الشعب السعودي في سياق حكم سيادي متقن هما وقود اليوم الوطني، وبالتالي هما ما يعمقان مدلول المواطنة السعودية ذات التراث الديني العميق. والملك عمل على أن يرى السعوديين أنهم أكبر من هويتهم القبلية أو الجهوية أو المذهبية، وعوضاً ركز على أن لدينا هوية سعودية أقوى من الهويات الأخرى، وأنها هي الهوية التي تربطنا وتجمعنا ولا تفرقنا؛ لهذا نود أن نسأل أنفسنا في يومنا الوطني هنا عما يهدد هويتنا الوطنية، ويهدد الرموز الوطنية في بلادنا، نحن الآن نواجه تقلبات وأخطارا كثيرة ليس أقلها انتشار فكر الجماعات التكفيرية الإرهابية. وهذه الأخطار قد تؤثر في هويتنا الوطنية. لهذا كله علينا أن نتمسك بهويتنا الوطنية. ويجب علينا أن نواجه مهددات هويتنا الوطنية بكل وضوح وشفافية وقوة متاحة. من متطلبات الاتساق مع هوية وطنية أن نرى التطور الذي عليه بلادنا وننعم به، هذه مكتسبات وطنية وهي تلبي معظم حاجات المواطن، لكن علينا أن نسعى لنكمل الناقص، ذلك أن الحاجات متغيّرة بتغيّر الزمن. وأول أسئلة اختبار الزمن الذي يواجه هويتنا الوطنية هو سجل تحقيق حاجات المواطن، وسجل تحقيق حاجاتنا ضمن خط الزمن يُعد سجلا حافلاً لامراء في ذلك، بل إن سجل تحقيق حاجاتنا منذ تولى الملك عبدالله سدة الحكم يشكل قفزات كبيرة. وصف زميل غربي أن خريطة المملكة مليئة برافعات البناء والتشييد، وهو قال لا ينافسكم في هذا العمل إلاّ الصين الشعبية. وأمر آخر يتعلق باختبار الزمن ويتمثل في قدرتنا على المزاوجة بين تراثنا الوسطي، ومعطيات الحداثة في مجالات الحياة. علينا أن نكون مثل: (الآباء المؤسسين للمملكة) الذين واجهوا التقنيات الحديثة، ومستجدات عصرهم واستوعبوهما دون أن يتخلوا عن تراث المملكة.