رفع صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل وزير التربية والتعليم خالص التهاني إلى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، وسمو ولي عهده الأمين، وسمو ولي ولي العهد- حفظهم الله - وإلى الشعب السعودي بمناسبة اليوم الوطني الرابع والثمانين، مؤكدا أن الوحدة المباركة التي تحققت على يد المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود طيّب الله ثراه سوف تنمو معززاتها وآلياتها، وسيعلو دور التعليم ليبقى ركنا فاعلا في تثبيت التجربة السعودية وتفردها بإذن الله. وأشار سموه في تصريح صحفي اليومي بهذه المناسبة إلى أن السياسة التعليمية في المملكة العربية السعودية وعت منذ وقت مبكر لقيمة المواطنة، حيث تم تأسيس أول مقرر يعنى بهذا الاتجاه عام 1348ه بعنوان "الأخلاق والتربية الوطنية" وتم توظيفه لإبراز الخصال الأخلاقية والوطنية العليا وفق مدلولات عميقة مستمدة من ديننا وأخلاقنا. وأفاد سموه أن الجهود اليوم تعمل على تعزيز مفاهيم التربية الوطنية التي تتمحور حول الوعي بقيمة الإنسان ومكانة الفرد السعودي وقيمة الوطن ومكتسباته ودور العمل الجماعي في صناعة المستقبل الأفضل لبلادنا، التي أكرمها الله بعدة مزايا من أهمها: احتضانها للحرمين الشريفين والوفرة الاقتصادية والتنوع الثقافي والمساحة الجغرافية واللحمة الاجتماعية المميزة. وقال سموه: إن هذه المزايا تعد فرصة أمام التربويين للمشاركة في التنمية الوطنية، وأن تظل الانتماءات المتنوعة مهما كانت - في حدودها الدنيا - وتصبح الكلمة العليا للثوابت الكبرى "الاعتزاز بالدين والولاء للملك والانتماء للوطن" وأن نسعى بكل حماسة إلى صناعة أنموذج تعليمي متفرد تنطبق عليه شروط الوطنية الناضجة الخالية من الشوائب، على قاعدة أن المواطنة ليست نصاً يحفظ أو يتم الحوار حوله، وإنما هي رؤية ومنهج يؤمن به الجميع ويُطبقونه، ويتأكد ذلك من خلال تأهيل النشء ليعي ويؤمن بحقوقه وواجباته تجاه وطنه ومجتمعه. وشدد سموه على أن بناء المواطن الصالح الذي يؤمن بربه، ويعمل من أجل وطنه، ويحب أهله ومجتمعه، أسمى أهداف التربية الوطنية، ومن هنا يتوجب علينا فحص المناهج والخطط التعليمية وعرضها للنقد البناء بلا كلل، فنحن لانوجه نصوصا جامدة، بل نحن معنيون بالحقوق والواجبات المتعلقة بثروة الوطن البشرية التي لا تقدر بثمن. وأكد سموه دور المعلم الأمين، مشيرًا إلى أن المعلمين قادرين علميا وصادقين وطنيا، فهم يحققون بحضورهم وتعاملهم مع تلاميذهم ما لا تحققه علوم الأرض كلها؛ ذلك أن المعلم الصالح هو المواطن الصالح نفسه، وكلما كان مؤهلا ومستقيما ومتمكنا من أدواته كانت فرص نجاحه أجدى "بالقدوة الحسنة" وهي أصل الفضائل وهي التي تُشكّل المناخ الضروري للأخلاق في أي مهنة، وعلى هذا الأساس فإن وزارة التربية والتعليم تعمل في كل اتجاه لتكريم المعلم وتطوير أدائه، وسنسعى بكل جدية - مستعينين بالله ثم بدعم الأوفياء - إلى تمهين التعليم واختيار وتدريب المعلمين والرفع من مكانتهم. وبين أن التعليم في بلادنا هو محور التنمية الأول في مختلف أنشطة وخطط الدولة منذ توحيدها قبل 84 عاما، ووزارة التربية والتعليم ماضية في تنفيذ إستراتيجية تطويرية تم إعدادها بعناية بالتشارك مع مؤسسات المجتمع وصُناع القرار، والطموحات لا حدود لها في أن نعايش تعليما متقدما يتفق مع آمال وتطلعات الملك والمواطن، حيث تتضمن الخطة جملة من المشروعات الكبرى التي تتمحور حول إعداد جيل التنمية، من خلال الاهتمام ببناء شخصية الطالب وتعميق المسؤولية فيه بوصفه عنصرا رئيسا مشاركاً في بناء الوطن، بدءا من مرحلة رياض الأطفال التي أفردت لها الوزارة مشروعا تشجيعيا بالغ الأهمية، ووصولا إلى المرحلة الثانوية المؤهلة لدخول الشباب مرحلة التعليم الجامعي أو الاتجاه لسوق العمل. وتابع سموه قائلا: تتواصل جهود وزارة التربية والتعليم لتطوير المناهج الدراسية من خلال مشروع استراتيجي قطع شوطا لا بأس به لتستوعب مفاهيم وقيم الرؤية الجديدة للتطوير، والمتغيرات العلمية والتقنية والمعلوماتية، وتعزز قيم المواطنة، والحوار والتعايش الكوني والانفتاح على الحضارات الأخرى، لتبقى محافظة على علاقات متوازنة بقيمنا وخصوصيتنا من جهة ومتطلبات الارتقاء الحضاري والتعايش الكوني من جهة أخرى. وأوضح سمو الأمير خالد الفيصل أن الوزارة تعمل حاليا على بناء "النموذج الجديد للمدرسة" الذي يعد الطالب فيه محور العملية التعليمية، والرفع من مستوى تحصيله وبناء شخصيته الثقافية، حيث تمثل البيئة التعليمية الجديدة مجتمعا مكتمل الشروط لصناعة أنموذج تقريبي للبيئة المثالية التي تنمي المواطنة على قاعدة الحقوق والواجبات، خصوصا في ظل توجه الوزارة الاستراتيجي لمنح مدير المدرسة صلاحيات نوعية تعينه على إدارة مدرسته بكفاءة، مبينا أنه من هنا تتأكد الثقة الوطنية في المعلمين وقيادات التطوير ومنسوبي المدرسة لتقود نفسها بنفسها، وبالتالي الوفاء بالتزاماتها المهنية حضورا وإنجازا وإبداعا.