الباحة - تقرير - خالد العيادة: تتميز منطقة الباحة بجبالها الشاهقة، وسهولها الممتدة التي تكسوها الخضرة، والمناظر الخلابة التي تدخل البهجة على نفوس الزائرين.. لوحة طبيعية من صنع الخالق - عز وجل - زادها جمالاً تساقط بعض حبات المطر الخفيف. وسط هذه اللوحة الرائعة انتصبت مجموعة من المباني الخشبية. لفت انتباهنا أحدها؛ إذ تم بناؤه على شكل خلية نحل، وبداخله مواطن في العقد الرابع من العمر. تقدمنا نحوه، يلفنا الفضول، فاستقبلنا الرجل بابتسامة عريضة مرحباً بتساؤلات تطل من أعيننا، ولم تنطق بها ألسنتنا: نعم، أبيع العسل النقي، ولدي أربعة أكشاك أخرى، وأمتلك 700 خلية، بها ما يقارب 250 ألف نحلة. أردنا تسليط الضوء أكثر وأكثر على هذه المهنة، فرحب قائلاً لـ»الجزيرة»: مدة بقاء النحل بالخلية من شهر إلى شهر ونصف الشهر تقريباً، وقبله يكون فيه (خصة)، والخصة مائة خلية. موضحاً أن هناك معلومات خاطئة يتم تداولها، مثل أن النحل يأكل السكر، وهذا مفهوم خاطئ؛ فغذاؤه فقط يعتمد على الزهور والأشجار المرتفعة والثمار المحيطة بالباحة. أما غذاء الملكات المزعوم فهو عارٍ تماماً من الصحة أيضاً، ولا يوجد إلا أقل من الجرام الواحد، فكيف يباع كيلوات من غذاء ملكات النحل كما يقال؟ وأضاف: الصيف هو موسم النحل، والإنتاج يكون جيداً. والمعروف أن الطبيعة في الباحة ممتازة؛ كونها محاطة بأشجار كثيرة ومزارع؛ وهو ما يوفر الغذاء للنحل بشكل كبير. وأردف: أنواع العسل عديدة، منها السدر والطلح والسمر والصيفي والمبحرة والزهور.. وأغلاها المبحرة؛ إذ نبيع الكيلو بـ 700 ريال، والدسر بـ 300 ريال، والطلع بـ300 ريال، يليها عسل الزهور، ويتراوح سعره بين 200 و250 ريالاً للكيلو. وقال: العسل الطبيعي لا يضر بمرضى السكر إلا إذا كان مغشوشاً. وعن عمره المهني يقول: أعمل بهذه المهنة منذ نحو 20 عاماً. وبسؤاله عن فكرة إقامة مصنع رد بأن تكلفته كبيرة، وأردف «لست بحاجة إليه؛ فلدي زبائن من مختلف مناطق المملكة ودول الخليج، كما أني أعرض العسل في هذه الأكشاك التي نستأجرها من البلدية بـ3000 ريال في العام، وأنا مسجل في جمعية النحالين بالباحة، ولدي رخصة لمزاولة المهنة. وأقول لك إنها مهنة شاقة؛ فأنا أضع الخلايا على سفوح الجبال العالية، وكل فترة أذهب إليها لملاحظتها؛ لأنها تحتاج إلى متابعة مستمرة. وعندما يشتد المطر والرياح يؤثر ذلك على الخلية؛ لذا يجب أن تكون الخلية بوضع مناسب، لا يؤثر في النحل؛ وبالتالي يتأثر الإنتاج الذي هو مصدر رزقنا». ويقدَّر المدخول الشهري من تجارة العسل وفق الغامدي من 35 إلى 40 ألف، بمعدل 100 كيلوجرام، وفي بعض الأحيان 200 كلجم، وذلك حسب زوار المنطقة الذين يتوافدون إليها في فصل الصيف. خرجنا من خلية الغامدي قاصدين الخلايا الأخرى المجاورة على أمل أن نجد أمراً مختلفاً، لكن كان الجميع متساوين في الجهد والإخلاص للمهنة، وليس في الرزق فقط. ودعنا الجميع، وانطلقنا بصحبة الطبيعة الخلابة تداعب وجوهنا بلطف زخات المطر المنهمر.