أكد عدد من المفكرين العرب أن الحرب على ما يسمى بتنظيم داعش لا تكفي للقضاء على التنظيمات المتطرفة وأن الضرورة تقتضي تجفيف منابع الإرهاب وقطع الطريق أمام بعض الجهات الخارجية التي يهمها تنامي موجة الإرهاب في المنطقة وتدعم التوجهات المتطرفة لأهداف تتعلق بالحراك السياسي. وأضافوا أن الضرورة تقتضي تأسيس استراتيجيات لتفكيك الذهنيات المتطرفة والتي تدعم الإرهاب والغلو في المنطقة. وفي هذا السياق يرى وزير التربية البحريني الأسبق الدكتور علي فخرو أن الحرب على الارهاب قد توقف تمدد داعش وبعض القوى المتطرفة إلا أن القضية أكبر وأخطر مما نظن، لافتا إلى أن هناك قوى خارجية تغذي الإرهاب في المنطقة وتدعم التوجهات المتطرفة لتبقى ورقة التدخل في منطقتنا حاضرة باستمرار. وأضاف إن الوجود الصهيوني أحد مغذيات الارهاب في المنطقة من خلال استيطانه وتطاوله على الإنسان والمكان والذاكرة العربية، مطالبا بتأسيس استراتيجية لتفكيك الذهنيات المتطرفة وتأصيل حس التسامح مع بعضنا في مدارسنا وإعلامنا وبناء منظومة تعليمية لا تستمد مشاعرها من أزمات التاريخ وتستحضر باستمرار الخلافات والانقسامات والتشنجات التاريخية المولدة الرفض للآخر والمضادة للتمدن والتنمية وحقوق الإنسان، مشيرا إلى أنه ما لم نقر برامج ومشاريع مؤسسة ستظل داعش معنا وتفرخ الأزمات المجتمعية قوى متطرفة باستمرار. ويرى الباحث والأكاديمي الكويتي الدكتور محمد الرميحي أن الارهاب أدخل العالم في مرحلة شديدة الخطورة كونه يؤثر بقوة على الأمن والسلم العالميين. وأضاف إن خطورة التيارات المتطرفة تتجلى في قدرتها على جذب الشباب وإغرائهم من كل حدب وصوب للانضمام إليها من خلال شعارات تتناغم مع خصائص النمو العقلي للشباب والمراهقين المسكونين بالخيال وتقبل الأفكار الحالمة، داعيا إلى تضافر الجهود وتعزيز دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بالتصدي للفكر المتطرف بالطرح التنويري وبالقوة متى لزم الأمر. وفي نفس السياق يرى المحلل السياسي وزير الإعلام الأردني الأسبق صالح القلاب أنه لا يمكن اقتلاع الإرهاب من جذوره والقضاء عليه من خلال القضاء على «داعش»، كون تنظيم القاعدة بكل مسمياته وفروعه حاضر منذ عقود، إضافة إلى الأزمات الطاحنة التي تعيشها هذه المنطقة المفرخة من كل أزمة عشرات التنظيمات الإرهابية. ويضيف إنه من الضروري الاستعجال في مواجهة «داعش» عسكريا قبل أن يتمدد أكثر وأكثر، وقبل أن ينتقل من الشرق إلى الغرب إلى أوروبا والولايات المتحدة، لكن يجب أن يدرك الأمريكيون والأوروبيون أن هذه المنطقة ستبقى «مفرخة» إرهابية مادام هناك احتلال إسرائيلي ومادامت إيران مستمرة في السيطرة على العراق وسورية ولبنان وبالنتيجة مادام بشار الأسد يبطش كل هذا البطش بالشعب السوري. ويذهب أستاذ الشريعة في جامعة قطر الباحث الدكتور عبدالحميد الأنصاري إلى أن توحد العالم لضرب داعش يوجه رسالة قوية بعزم هذه الدول على مواصلة حربها ضد الإرهاب والوقوف صفا واحدا في مواجهته، لافتا إلى أهمية إعادة النظر في مناهجنا بما يتيح المجال لمزيد من الانفتاح والتسامح. وأضاف توقعنا اندحار الإرهاب إلا أنه عاد أكثر ضراوة ووحشية في صورته الجديدة «داعش» يخترق الحواجز الأخلاقية، ويدوس القيم الإسلامية، وينتهك المقدسات الدينية، ويرتكب المجازر المروعة ويقتلع الملايين من البشر من أوطانهم ويضطرهم للرحيل القسري، ويختطف النساء ويبيعهن سبايا، مؤكدا أن البنية الاجتماعية الراسخة للفكر العنيف، قاومت التغيير طوال 13 عاما، من الجهود المبذولة لمكافحة الإرهاب على المستويين «المستوى الفكري» بتطوير المناهج وتحديث التعليم وضبط العمل الخيري، وتشديد تشريعات مكافحة الإرهاب، وتجريم المنتمين إلى المنظمات الإرهابية أو المتعاطفين معها أو المروجين لأفكارها، وإبعاد الخطباء المحرضين عن المنابر الدينية والتعليمية، وعلى «المستوى الأمني» بتصفية الآلاف منهم في المواجهات الأمنية والقبض على الآلاف منهم وتقديمهم للمحاكمة، غير الضربات الاستباقية التي أجهضت ما نسبته 95% من مخططاتهم. واستطرد أن الفيروس الإرهابي لايزال نشطا يغزو عقول ونفوس شباب في عمر الزهور في كل بلدان العالم، ويجندهم لمخططاته العدوانية، منبها على خطورة الخطابات الموجهة في مواقع وشبكات التواصل إذ مازالت تستهوي نفوسا غضة وتحولها إلى قنابل، مؤملا العمل على دعم وتمتين الحواضن التربوية والاجتماعية لتكون الأجيال في مأمن مبكر وتحصين من الأفكار المتطرفة والمنحرفة والمستهدفة أوطاننا ومقدرات الإنسان.