هذا العام جاء مختلفاً، صحيح أن العاصمة الرياض تعيش ازدحاماً وفوضى مرورية لا تضاهيها فيها أي مدينة في العالم، بل أكاد أجزم أن الفوضى المرورية، من عكس الطريق، وقطع الإشارات المرورية، وركوب أرصفة المشاة بسيارات الدفع الرباعي، لا توجد في أي مدينة في العالم، كما توجد في عاصمتنا الحبيبة: الرياض! أتمنى أن يبادر أحد شباب السينما، ومخرجي الأفلام القصيرة، بصنع فيلم مجنون من عشر دقائق، يرصد فيه معاناة مواطن مع فوضى المرور، والقلق على الحياة، بل حتى لو بادر أحد مخرجي أو منتجي الأفلام الوثائقية، أو القنوات الفضائية، كالعربية، وتفرغ يوماً من السادسة صباحاً حتى الخامسة عصراً، ونصب كاميراته عند إحدى الإشارات، لرأينا العجب العجاب، ولانعقدت ألسن الغرباء في الدول الأخرى مما يحدث في شوارعنا من جرائم مرورية، على مرأى من أعين رجال المرور والشرطة، وتغاضٍ غير مسؤول منهم! كيف نحل مشكلتنا مع المرور خاصة وقت الذروة، وقت خروج الملايين من السيارات صوب مدارسهم ومكاتبهم؟ هل الحل في تغيير مواعيد المدارس كما حدث ابتداء من اليوم الأحد، بأن يبدأ اليوم الدراسي قبل موعده المعتاد بربع ساعة؟ وهل من يخرج من منزله صوب مدرسة أبنائه، يتحرك قبيل دقائق كي يتم التعديل بهذا الشكل؟ ألا يعرف المسؤولون أن هناك من يخرج قبل ساعة من الدوام المدرسي، ويصل أيضاً متأخراً، حتى لو كانت المدرسة أو الجامعة علو مرمى كيلو مترات؟ هل سيتقدم هؤلاء بربع ساعة مثلاً كي يصلوا؟ أم أن الأمر أكبر من حكاية «الربع» ساعة تلك؟ أظن الأزمة هو في خروج الطلاب في وقت واحد، وليس في خروجهم مع الموظفين، فلو كان تغيير التوقيت بين المراحل الثلاث المختلفة مثلاً، أو بين الأولاد والبنات، لربما توقعنا نتيجة إيجابية في القرار! نحن نعاني فعلاً، والحلول ميسرة وواضحة، لكننا نبحث عن حلول لا تقدم ولا تؤخر، فما يملأ الشوارع هي السيارات الخاصة، ربما يزيد عدد الطلاب والطالبات ممن يذهبون بسيارات خاصة عن الثلثين، بينما الثلث وأقل من ذلك يستخدمون الحافلات، فحافلة تحمل عشرين طالباً، أوفر من عشرين سيارة تحمل عشرين طالباً، وأخف في الزحام الصباحي، لكن المدارس الحكومية تعاني من توفير النقل العام، بل حتى بعض المدارس الأهلية لا توفر النقل العام، مما يجعل الشوارع التي تقع عليها تعاني من معركة مرورية رهيبة، كل صباح وظهيرة، لا تجدي معها كل جهود المنظمين للسير. معظم أهالي الرياض، لا ينتظرون مترو الرياض، بقدر ما يأملون بانفراج أزمة الزحام المروري بتوفير حافلات النقل العام، بطريقة مميزة، تضاهي الدول المتقدمة، من توفير حافلات متطورة، وتخصيص مسارات خاصة لها، لا يملك المتهورون إمكانية القفز عليها، مما يوفر للراكب الراحة والطمأنينة والوصول في الوقت المحدد! رغم أن مبادرة «الربع» ساعة محاولة تشكر عليها إمارة منطقة الرياض، ووزارة التربية والتعليم، إلا أنها لن تجدي فيما يحدث من زحام وفوضى مرورية مخيفة، وأخشى ألا تختلف هذه «الربع» ساعة، عن «الربع» جنيه الذي طالب به الكوميدي عادل إمام، طوال عرض مسرحيته «شاهد ما شفش حاجة»، فلا يخف الزحام، ولا تعود «الربع» ساعة التي ذهبت بلا رجعة!