×
محافظة المنطقة الشرقية

سعد الدوسري عريساً

صورة الخبر

ـ لا يزال وُعَّاظنا الأفاضل الذين عاصروا تجربة الجهاد الأفغاني وربما شاركوا فيه بشكل أو بآخر؛ هم الذين يتصدرون المشهد الوعظي في المملكة ويؤثرون في الشباب بقناعاتهم القديمة بالرغم من مضي وقت طويل على تلك الأيام العجاف.. القيعان الثقافية تلعب هنا دوراً في تشكيل الخطاب وتوجهاته أراد صاحبه أو لم يُرد.. ـ ابحثوا مثلاً عن سيرة أشهر عشرة وعاظ سعوديين وستجدون أنهم يمارسون الوعظ منذ أيام الجهاد الأفغاني بنفس الطريقة، وأنهم يحنون إلى تلك الأيام ويبشرون بها في كل أرض مع أن أفغانستان أصلاً لا تزال تعاني بسبب نتائج ذلك الجهاد.. تغير توجه الحكومة ولم تتغير توجهات وأفكار أولئك الوعاظ، ولذلك خرجوا من العصر تماماً!! ـ المشبعون بذلك الخطاب التهييجي العنيف لم يتصالحوا مع عصرنا المختلف في كل شيء وإن زعموا ذلك؛ لا تزال بقايا تلك الثقافة العميقة التي تخلق الجبهات وتجهز الغزاة وتستعدي المغاير هي الحاكمة والمهيمنة على تفكير غالبية هؤلاء، ومن الصعب عليهم المواكبة.. فلماذا لا ينصرفون عن الوعظ إلى العبادة، ولهم الأجر والمثوبة؟! ـ هؤلاء الوعاظ على فضلهم وعلمهم يعيشون الآن أوهاماً لم يعد لها وجود ولا تصلح للمشهد الحالي، ولكنهم يمررونها إلى الشباب باستمرار، وكأنها خلاصة الدرس والنموذج المثالي، ولذلك تتكرر المآسي نفسها.. فلماذا لا يتيحون الفرصة لشيوخ آخرين أكثر شباباً وإقبالاً على الحياة وتصالحاً مع العصر لا مع الأحزمة الناسفة والتفجيرات؟ ـ لماذا لا نستمع إلى شيوخ جدد نسبة الإحساس بالمؤامرة أقل في حياتهم وتفكيرهم وتحليلهم للأحداث من حولهم؟.. أليس لدينا شيوخ قادرون على مخاطبة الشباب بما تتطلبه المرحلة؟ أم أن الديناصورات التي نشكو منها في عالم الثقافة هي نفسها أيضاً في عالم المشيخة؟ ـ أظن أن خطابنا الوعظي لا يزال أفغانياً بكل ما تعنيه الكلمة؛ في الأسماء وفي طريقة العرض التهييجي، وفي تزيين الموت تحت كل راية وفوق كل أرض، وما لم نغير تلك الأواني القديمة التي يشرب ويأكل منها الشباب فسنبقى كما نحن مهما لعبنا على الحواف والأطراف!!