×
محافظة حائل

نزاهة ترصد تجاوزات مالية في جمعية خيرية بحائل

صورة الخبر

.. بعد أي نسخة لكأس العالم يطرح الخبراء في الفيفا وفي العالم تساؤلات تقنية تكتيكية بعد التحليل والتشريح العلمي حول ما الجديد في كرة القدم.. وما المتغير الإيجابي أو ما نسميه بالتطور الذي طرأ على اللعبة.. وكي نوجز.. نشرت الفيفا تقريراً فنياً أولياً بعد التقرير الإحصائي لعدد التمريرات بالقدمين اليمنى واليسرى وكم تمريرة صحيحة وأخرى خاطئة أو مقطوعة وكم أرضية أو هوائية وكم عدد ضربات الرأس و... و... و.. وهو تقرير مفصل دقيق جداً يهم كل منتخب على حدة ويختزل مجموع كل المنتخبات المشاركة موجود في مكتبة الفيفا وستطبعه على شرائط ممغنطة توزعه على كل المدربين والمهتمين.. أما التقرير الفني هذا فهو يؤكد عن ظهور تغيير ملحوظ في وظيفة قارة لرجل وسط الميدان الدفاعي الذي بفضل مهارته أصبح يدافع ويصنع اللعب ويشارك بفعالية في الهجوم لدرجة التهديد والتسجيل.. وستنشر اليوم -اليمامة الرياضية - نص التقرير الفني على أمل ورجاء من زملاء التحرير أن يستسقوا رد الفعل من مدربين محليين وأجانب ورأيهم في هذا المتغير المطروح من أجل إثراء الحوار ومن أجل ثقافة تقنية/ تكتيكية يستفيد منها الجميع خاصة قراء - اليمامة الرياضية -. «.. بعضهم يشبه مراكز لاعبي كرة القدم وتموضعاتهم بقطع الملابس، حيث تتكيف من آن لآخر مع تقلبات الموضة. في حين كان الهمّ الأول والوحيد للاعبي مركز الظهير هو الدفاع، أصبحوا يضطلعون الآن بالمهام الهجومية أكثر منها من الدفاعية. أما لاعبو الجناح فتحولوا من ضرورة مطلقة إلى موضة قديمة ثم أصبحوا خيارات جيدة يمكن أن يُعتمد عليها. ويبدو أن كوكبة لاعبي الوسط الكلاسيكيين في طورها إلى الانقراض، حيث إنه ليس من السهل اليوم رؤية لاعبي خط الوسط المتقدم الذين يتموضعون خلف مهاجمَين ويضطلعون بمهام تنظيم اللعب والتحكم ضمن وتيرته وتوزيع التمريرات. بيد أن السؤال الذي يطرح نفسه هو كيف لم يؤثر انقراض لاعبي هذا المركز على خلق فرص التهديف - ولا سيما أن كأس العالم التي انتهت في البرازيل شهدت تسجيل أكبر عدد من الأهداف في تاريخ كل كؤوس العالم. فكيف يا ترى تصل الكرة إلى المهاجمين رغم ندرة أسماء على غرار جيرسون وريكيلمي وزيدان؟ وفي تحليله خلال العرس العالمي قال النجم البرازيلي السابق زيكو «ما نراه أكثر فأكثر هم لاعبو وسط يمكن لكل واحد منهم التميّز بخصائص مختلفة - بسرعة اندفاع أكبر أو بتمريرات أكثر -، لكن لديهم قاسم مشترك: يغطون مساحة أوسع من الملعب في منطقتهم وينظمون اللعب انطلاقاً من هناك حتى منطقة الهجوم، كما هو شأن أندريا بيرلو وتشافي وبول بوجبا والألمان...» وهذا يعني أن لاعب الوسط المتقدم لا يزال حياً يُرزق، إلا أنه تراجع بضع خطوات إلى الوراء. في كثير من الفرق الكبيرة، ويُطلق عليه لاعب وسط الميدان، كما هو الحال أخيراً عند أبطال النسخة الأخيرة من كأس العالم. ويمكن أن ينطبق ما أسماه زيكو ب «الألمان» على مختلف وجوه فريق المدرب يواكيم لوف، بيد أنه يمكن أخذ مثال ثلاثي خط الوسط الأساسي الذي خاض مباراة نصف النهائي المدوية أمام منتخب البرازيل: سامي خضيرة وباستيان شفاينشتايجر وتوني كروس. يتعلق الأمر بلاعبين يمكنهم، بحكم مهاراتهم، التمركز أقرب من الهجوم، غير أنهم يتبعون الأسلوب العصري الذي ينتهج الانطلاق من الخلف بجودة لخلق الفرص. وعلّق دونجا على ذلك خلال كأس العالم وقبل أن يتم اختياره مدرباً للمنتخب البرازيلي، قائلاً: «أهم شيء هو أن لاعبين مثل شفانشتايجر يعرفون جيداً الوقت المناسب لقيادة الفريق لممارسة الضغط والعودة إلى الوراء والتمركز بين المدافعين للدفاع وإطلاق العملية من جديد». مضيفاً: «هذا أمر بالغ الأهمية، بالإضافة إلى القراءة الجيدة للمباراة. وهناك نقطة أخرى في صالح ألمانيا وهي تفاهم شفانشتايجر بشكل ممتاز مع خضيرة، حيث يبقى دائماً أحدهما قريباً من المنطقة لحماية الدفاع. تلعب معظم الفرق بشكل أفقي، لذا يمكن تجاوز أربعة أو خمسة لاعبين من خلال تمريرة جيدة». في مدة قصيرة، باتت كرة القدم أسرع وأعمق بكثير. كل من يملك الفنيات ويستطيع التأقلم مع هذه السرعة - سواء كان لاعباً سريعاً أم لا - فهو يمكنه صنع الفارق. صحيح أن كتيبة يواكيم لوف لم تخترع هذا الأسلوب. في الواقع، لا يتم خلق مفاهيم جديدة في عالم الساحرة المستديرة من آن لآخر ولا توجد لحظة ميلادها منقوشة في كتب التاريخ؛ بل يأتي ذلك بعد عملية طويلة. بيد أنه من الصعب عدم ربط هذه التغييرات التي طرأت في دور لاعبي خط الوسط بالنجاح الأخير الذي حققه كل من المنتخب الأسباني ونادي برشلونة - وهو نجاح ناتج في الأساس عن جودة تمرير الكرة انطلاقاً من الدفاع، ويُعتبر تشافي تجسيداً لهذا الأسلوب. وقد قال مرة جوسيب جوارديولا الذي يُعدّ بدوره رائداً في هذا المركز عندما كان لاعباً وبعدها مدرباً لتشافي في فترة ذهبية للنادي بين 2008 و2012 «في أول لحظة رأيته، كنت أعلم أنه سيصبح العقل المدبر في البارشا لسنوات عديدة». وكانت هذه الفترة بالذات التي شهدت، في بادئ الأمر تحت قيادة لويس أراجونيس ثم على يد فيسينتي دل بوسكي، تتويج منتخب إسبانيا بكأس الأمم الأوروبية مرتين وبكأس العالم في جنوب إفريقيا 2010، حيث تميز منتخب لاروخا بالتمريرات التي يقودها لاعب وسطه المتأخر تشافي. وقد أكد دل بوسكي في حديث له مع وكالة الأنباء الألمانية، في تعليق له على الفوز بكأس الأمم الأوروبية 2012 حيث تغلب فريقه بنتيجة 4-0 على إيطاليا في النهائي رغم عدم مشاركة أي رأس حربة في التشكيلة، قائلاً: «أقول أحياناً أنه يتعيّن علينا أن نتقمص قليلاً شخصية لاعبي خط الوسط الذين يسعون إلى الدفاع وخلق اللعب والهجوم». ثم استطرد بالقول: «لو كان لدينا عشرة لاعبي وسط لكنا أفضل من ذلك». أدّى النجاح الباهر الذي شهدته كتيبة إسبانيا التي كانت في طليعة المنتخبات من حيث خلق اللعب الذي ينبع من وسط ميدانه - دون الاعتماد على أي لاعب وسط متقدم كلاسيكي - إلى أن يأخذ تطور مركز خط الوسط أو ربما كرة القدم بكاملها منعطفاً مهماً. وفي تحليله أكد المدافع السابق والمعلّق جيوسيبي بيرجومي قائلاً: «أعتقد أنه في السنوات الخمس أو الست الأخيرة طرأت تغييرات أكثر من السنوات العشرين أو الثلاثين الماضية». وفسّر بيرجومي الذي دافع عن ألوان منتخب إيطاليا بين عامي 1982 و1998 وعاش عن قرب جزءاً من التطور الذي أشار إليه قائلاً: «في مدة قصيرة، باتت كرة القدم أسرع وأعمق بكثير. كل من يملك الفنيات ويستطيع التأقلم مع هذه السرعة - سواء كان لاعباً سريعاً أم لا - فهو يمكنه صنع الفارق. لذلك يُعتبر منطقياً أكثر امتلاك لاعبين ذوي فنيات عالية في المراكز الخلفية من الملعب، كما هو حال بيرلو مثلاً. لعبنا معاً في إنتر ميلان عندما كان لا يزال شاباً وكنت أرى أن لديه الإمكانات. ولكنه أصبح داهية عندما تراجع 20 متراً إلى الوراء قريباً من الدفاع. من هناك يتحكم في إيقاع المباراة دون التوقّف على وصول الكرة إلى الخط الهجومي». هذه إذاً مميزات لاعب خط الوسط المثالي في كرة القدم الحالية: رغم أنه يلعب في مركز يعود في الأصل إلى لاعبي الوسط الدفاعي، إلا أنه يملك الجودة لخلق اللعب من الوراء وينطلق إلى الخط الهجومي. بيد أنه تماماً كما في الموضة، هناك من يقول إن الميولات الجديدة ليست سوى إعادة استخدام المفاهيم القديمة. «في وقتي، لم نكن نميّز بين لاعبي الوسط الدفاعي أو الهجومي. كان لدينا الحرية للهجوم والدفاع». هل يبدو تصريحاً مألوفاً؟ أو ربما عصرياً؟ إلا أن من أدلى به ليس سوى زيتو، قائد سانتوس، حيث كان يلعب بيليه وبطل العالم مع منتخب البرازيل بين 1958 و1962. صحيح أن الأمور يمكن أن تتغيّر وأن يكون هناك سبب واضح لذلك، غير أن لا مجال للشك أنه عندما تحظى في كرة القدم بعناصر موهوبة تجيد تمرير الكرة، يتعيّن وضعها في خط وسط الملعب لأن هذه الوصفة دائماً ما تنجح.