×
محافظة المنطقة الشرقية

أمير الباحة ورئيس السياحة يفتتحان ملتقى الأسر المنتجة الأول

صورة الخبر

في الثاني من مايو قبل ثلاثة أعوام حينما أعلنت الولايات المتحدة عن مقتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن كيف كان الحدث طارئاً لامفاجئاً، فلو أن أسامة بن لادن قد قتل بعد أحداث 11 سبتمبر بقليل فسيكون الحدث أكثر انسجاماً مع قصة تنظيم القاعدة، لكن أن يأتي حدث التصفية بعد أن باتت رسائل ابن لادن الصوتية لا يحفل بها الكثيرون، وبعد أن صار تنظيم القاعدة هامشاً لامتْناً، فإن جاذبية الخبر أقل بكثير، وهذا سبب توصيفي للحدث بأنه «طارئ» أكثر من كونه «مفاجئاً»! ورغم محاولة القاعدة قبل مقتل ابن لادن المناورة في حضورها على خطوط الثورات العربية، من خلال التسجيلات الصوتية، وحَضَرتْ الثورات العربية في البيان الذي صدر عن «القيادة العامة» والذي جاء فيه: «أبى الشيخ أن يرحل عن هذه الدنيا قبل أن يشارك أمته الإسلامية أفراحها بثوراتها التي انتفضت بها في وجه الظلم والظالمين وسجل لها رحمه الله كلمة صوتية قبل مقتله بأسبوع واحد ضمنها تهنئة ونصائح وتوجيهات سننشرها قريبا بإذن الله». بمعنىً آخر؛ كان التنظيم يراقب الثورات محاولاً إعادة تشكيل حضوره من خلالها. توقّع عدد من المحللين والباحثين الراصدين لمستقبل التنظيم من أن رحيل ابن لادن يعبر عن رحيل «زعامة روحية» أكثر مما يعبر عن فقدان «قيادة إدارية فذة للتنظيم»؛ لهذا فإن مجيء الحدث بصيغة «طارئة» يجعلنا نتوقع أنه - حتى وإن نشطت الخلايا من جديد - فإن قدرة التنظيم على استدرار جموع الشباب المراد تجنيدهم أقل مما هي عليه لو أن ابن لادن قتل قبل عقدٍ من الآن. إلا أن الأفكار المتطرفة تنمو عادةً في المناطق المهملة؛ في الهوامش والجيوب، والمناطق المهجورة، وبعد أن يكتمل نموها يحميها الاضطراب من التآكل، ذلك أن الاستقرار يمكنه أن يضرب التطرف من جذوره، لهذا فإن أي مكانٍ يتعرض للاضطراب تنمو فيه تلقائياً الأفكار المتطرفة والسلوكيات الدموية. وللتاريخ نتذكّر سيف الإسلام القذافي- نقلاً عن ديفيد كير كباتريك في نيويورك تايمز- حينما هدّد بأنه سيتحالف مع «الإرهابيين» من أجل القضاء على المعارضين، فهو وبعد أن بدا ملتحياً لا تغادر «السبحة» يده، كشف عن أنه سيتحالف مع الإرهابيين والأنظمة المتطرفة للقضاء على المعارضين، وأنه أبرم اتفاقه مع تلك الجماعات المسلحة لضرب المعارضين. حذّرنا حينها أنّ هذه الرؤية لا يجب أن نأخذها على سطحيتها، فهو مؤشر يبرهن على أن الأصوليات لم تعد مجرد جماعات تريد أن تطبق مشروعها الذي كتبته في أدبياتها الأيديولوجية، بل تحولت إلى «سوق» بحيث يمكن أن تعقد صفقاتٍ مع أنظمةٍ لغرض خدمة مصالحها من أجل الظفر بالمال، أو النفوذ على أرض الواقع، والحصول على ثغراتٍ تمكنها من التدريب والتحكم والتجنيد ووضع قواعدها على الأرض. وبغض النظر عن صحة كلام القذافي غير أن أحداثاً أخرى تثبت تحول الأصوليات إلى «أسواق» يمكنها أن تدخل في لعبة الصفقات. نضرب مثلاً ببيع «جيش الإسلام» للأسير الإسرائيلي «جلعاد شاليط»! إن الخضوع لمنطق السوق لم يكن مستبعداً لدى تلك الجماعات وهو ما أثبته مخطط ثورات الدول العربية من جبهة النصرة وليس انتهاء بداعش! إن الاستخدام الأمني الاستخباراتي لداعش أو لجماعات ترفع شعارات الجهاد من قبل أنظمة تعاني من انفلات سلطتها على الأرض يعتبر من أخطر ما يجب الوعي به والانتباه إلى خطره. لا يعني أن تنظيم القاعدة حينما كان يعاني من التشتت والتفكك أنّه قد انتهى، والخلايا والجماعات التي تتبعه تأخذ شكلاً مستقلاً في التحرك، وبالذات تلك التي نشأت من خلال اضطراب الأرض وتخبط الميدان، من أجل ذلك فإن الوعي بالخطر الذي تنتجه التحالفات والصفقات بين الأنظمة المضطربة، وهذه الجماعات المخادعة كان ضرورةً من أجل تحصين المجتمع من خطر تلك الصفقات الدموية والتي دفع ثمنها بعض أفراد المجتمع بأموالهم وتبرعاتهم وشباب بأرواحهم ودمائهم.