قبل عقود من الزمن لم تكن الإجابة بناجح كافية لمن يسأل تلميذا في التعليم العام عن نتيجته في الاختبارات، فالإجابة بناجح تستتبع سؤالا تاليا عما إذا كان ذلك النجاح جوازا أو وجوبا، وتلك كانت إحدى عجائب النظام التعليمي آنذاك وسبله في تقويم الطلاب. كان النجاح يتطلب حصول الطالب على الدرجة الصغرى للمادة التي يختبر فيها فإن لم يحصل عليها رسب في تلك المادة وعليه إعادة السنة لرسوبه في تلك المادة، غير أن شرط حصوله على الدرجة الصغرى لم يكن مطلوبا إلا في مواد اللغة العربية من نحو ونصوص ومطالعة، وكذلك المواد الدينية من فقه وتوحيد وحديث. أما بقية المواد فإن عجز الطالب عن الحصول على العلامة الصغرى لا يمنع من أن يكون ناجحا، ويمكن نقله إلى الصف التالي رغم أنه راسب في الرياضيات أو الكيمياء أو الجغرافيا، وله الحق في النجاح حتى وإن رسب رسوبا واضحا في مادتين لا مادة واحدة شرط ألا تكون من المواد الدينية أو مواد اللغة العربية وعندها يكون نجاحه جوازا. أما إن نجح في كل المواد فنجاحه وجوبا. لم يكن ذلك النظام يكرس لطبقية بين جوانب المعرفة، ويجعل من المواد العلمية درجة تالية لا ضير من الرسوب فيها ولا ضرر من العجز عن تحقيق درجتها الصغرى، ولا يعد الراسب فيها راسبا، لم يكن ذلك النظام يكرس لذلك فحسب وإنما كان يمارس الغش كذلك حين كان ينجّح طالبا راسبا، ويغض الطرف عن عجزه عن تحقيق الدرجة الصغرى وكأنما نجاحه في مواد الدين واللغة العربية يشفع له كل تقصير وكل فشل. وزارة التربية والتعليم، أو وزارة المعارف كما كانت تسمى آنذاك، أدركت ذلك الأمر وتداركت ذلك الخطأ فألغت هذا النظام ولم يبق للطلاب إلا النجاح وجوبا أو الرسوب وجوبا، غير أن الوزارة لم تلبث أن تراجعت عن ذلك التصحيح للمسار فرجعت للنظام نفسه في زمن أصبحت كل أنظمة الوزارة فيه تستند إلى سياسة «التنجيح المستمر» فكان ذلك سببا من الأسباب التي ساهمت في تدني مخرجات التعليم. عودة الوعي الآن لوزارة التربية والتعليم وما بات ملحوظا من تغير في سياساتها منذ تولي الأمير خالد الفيصل اتخذت قرارا بإلغاء أي نجاح جوازا فعلى الطلاب أن يحققوا العلامة الصغرى وهذا أضعف الإيمان، أو يرسبوا وجوبا وهذه أدنى مراتب الحزم الذي ينبغي أن يؤخذ به.