أجمل ما يقرؤه أي كاتب هو التفاعل الذي يراه مع ما يكتب، وفي الشأن العام يأتي تفاعل المسؤول وتعامله مع قضية المقال في المقام الأهم بالنسبة لي. نكتب إجمالاً لنساهم في التنوير ونساعد في تقديم الحلول وننبه لأوجه القصور. التشهير ومحاولة التقليل من جهود الآخرين هو آخر ما يمكن أن يتبناه كاتب الشأن العام، لأنه محاسب من قبل القراء قبل المسؤول. عندما عرضت معاناة الباحثين عن الحملات المخفضة، وعدم توافر حجوزات في تلك الحملات، كنت أثير قضية استعادة هذه الفريضة وروحانيتها من أيدي المستثمرين وعشاق زيادة الأموال، بغض النظر عن المصادر. وافقني قراء كثر ولاحظت شكوى من تجاوزات عديدة. حتى إن قريباً لي شكا من مشكلات المساحة الحرة في المخيمات حتى في الحملات التي تزيد أسعارها على 15 ألف ريال. إذ لا تتجاوز المسافة بين السريرين 30 سنتيمترا في بعض الحالات. يصعب أن نرى هذا الأمر ونواجهه بالصمت، لأن الحج وهو فريضة على كل قادر، هو أيضاً أمانة في عنق كل من ينتمي لهذه الدولة. إن ما تبذله الدولة في سبيل نجاح وتسهيل هذه الرحلة التاريخية العظيمة، يجب أن يوازيه ويتفاعل معه جهد مماثل من المواطن في تبني الخدمة وجعلها الهدف الأسمى لشركته التي تمارس عملاً فيه من الأجر الكثير إن هو التزم بمعايير أخلاقية قبل المعايير الرأسمالية. تبقى سلبية الجهات الحكومية في تحديد الرسوم ومراقبة الالتزام بها أمراً مخلاً. فكيف بها إذا أخلَّت بشروط ومواصفات حددتها الجهة المسؤولة، وهو ما يحدث في حالات كثيرة. لعل قرار وزارة الحج بإدراج الحج المخفض ضمن برامجها الرامية لتقديم الخدمة الراقية بسعر مقبول، واحد من القرارات المهمة التي تحسب لها. بل إن الشركات تتنافس للدخول في البرنامج، حسبما ذكر لي الدكتور حسين الشريف وكيل وزارة الحج، الذي اتصل بي - مشكوراً - بعد نشر المقال وتحدث عن جهود الوزارة في المجال وتوجهاتها المستقبلية. تبقى أهمية أن يرتفع عدد الحجاج المستفيدين من هذه الخدمة لأكثر من 40 ألفاً، وهذا يعتمد على نجاح التجربة وهمة الوزارة في تحفيز الشركات المنضبطة، ودعم العملية ببرنامج تسويقي علمي، ومراقبة دقيقة لالتزام المشاركين.