نعود هذا اليوم إلى حلقة جديدة من (ملف الشهر)، وهو المشروع الذي أطلقناه قبل سبعة شهور حتى يكون ملفا شهريا يتيح الحوار والنقاش الموضوعي حول قضية أو فكرة أو مشكلة، ونحن نستهدف اثارة الموضوعات الحيوية التي ربما غفلنا عنها بحكم تسارع وتتابع الأحداث في حياتنا اليومية، أو ربما لحداثتها علينا، كما هي الحال مع التوسع في (تمليك الشقق) السكنية بدون اشتراط قيام اتحاد الملاك، ومثل ايضا إهمال الأرصفة في مدننا، وغيرها من الموضوعات الحيوية التي لقيت التجاوب والتفاعل من المسؤولين ومن الناس. اليوم نعود إلى موضوع حيوي، ليس لسكان المنطقة الشرقية، بل لنا جميعا ولزوار بلادنا، وهو موضوع (الطرق في المنطقة الشرقية)، بالذات الطرق الرئيسية التي تربط مدن ومحافظات المنطقة. وهناك العديد من الاعتبارات الموضوعية التي جعلتنا نفرد لموضوع الطرق ملفا خاصا، بخلاف الموضوعات السابقة حيث كان البعد الوطني هو الأساس. في موضوعنا هذا الشهر البعد الوطني الطرق في الشرقية يفرض نفسه لكون معظم الطرق الرئيسية في المنطقة طرقا ناقلة للحركة مع مناطق المملكة الأخرى ومع دول الجوار، ومساحة المنطقة واسعة مما يجعلها بوابة المملكة الشرقية، وهذا يستدعي ضرورة تقصي أوضاع الطرق بشكل دائم، ونحن نضع قضايا الطرق ضمن أولويات سياسات التحرير، لحيويتها لحياة الناس في المنطقة ولأثرها الكبير المباشر على حيوية التنمية في المملكة. المنطقة الشرقية تحتضن ما يقارب نصف النشاط الصناعي في المملكة، ومثلما هي حاضرة الصناعة في بلادنا، هي أيضا قاطرة الاقتصاد الرئيسية، وهذا يجعل التوسع الحكومي للإنفاق على تطوير البنية الأساسية لقطاع النقل ضروريا وله عائده الإيجابي المباشر على مجمل النشاط الاقتصادي في المملكة، وهذه الحيوية الاقتصادية الاستثمارية هي التي تفسر توجه الإنفاق الحكومي بشكل قوي في السنوات الماضية لتوسيع سعة الطرق وزيادتها وترسية مشاريع رئيسية للطرق السريعة. كل هذه الجهود المتسارعة لرفع كفاءة الطرق تستهدف استدراك النقص الذي حدث في اعتماد المشاريع في السنوات الماضية، وقد فاقم المشكلة في المنطقة ارتفاع معدلات الهجرة إلى المنطقة، وارتفاع معدلات الانتقال إلى المدن الكبرى، وكذلك الطفرة الكبيرة في مشاريع البنية الأساسية في المملكة حيث رفعت الطلب على منتجات الطاقة والصناعة مما رفع حركة الشاحنات وبالتالي تقليل الطاقة الاستيعابية للطرق، والتأثير على جودتها، والمساهمة في ارتفاع حوادث المرور. طبعا لم يكن من اليسير إتمام المشاريع بالسرعة التي نتطلع إليها، فهناك العوائق التشغيلية العديدة، مثل تعثر وتأخر المقاولين، والممتلكات التي تعترض المشروعات، وترحيل الخدمات التي تعترض الطرق وما يتطلب ذلك من اذونات ونزع للملكيات، وكذلك ضرورة الحصول على الموافقات الفنية لمسارات الطرق، بالذات في الشرقية حيث مشاريع الطاقة الحيوية. ولكن الأمر المطمئن أن سمو الأمير سعود بن نايف وسمو نائبه وكل المسؤولين في المنطقة، وفي وزارتي المالية والنقل وأرامكو، كلهم مدركون لأهمية رفع كفاءة قطاع النقل وسلامته وحيويته، ويتوقع أن يرتفع انفاق الحكومة على هذا القطاع في السنوات الخمس القادمة إلى أكثر من مئة مليار ريال على أقل تقدير، وسوف يجني سكان المنطقة الثمرة الكبرى لهذا الإنفاق الذي سوف ينعكس على مجمل النشاط الاقتصادي والتجاري وتوسيع فرص العمل والتجارة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة.