×
محافظة المنطقة الشرقية

أمير الشرقية يضع حجر أساس مشروع أدبي الأحساء الجديد

صورة الخبر

تفتح قصور الدولة في فرنسا، اليوم، أبوابها للناس لكي يطوفوا في أرجائها، ويتفرجوا على أثاثها ويسيروا فوق سجادها الفاخر أو يتشمسوا في حدائقها. هذه تركة ملكية فاخرة حافظت عليها الجمهورية من النهب والتلف. إنه اليوم الوطني للتراث، مناسبة سنوية تشبه عيدا شعبيا تخرج العائلات فيه، مع أطفالها، لكي تزور «الإليزيه» أو مبنى رئاسة الوزارة أو لتلتقط الصور تحت قبة البرلمان. هذا العام، قرر سجن «مونلوك» العسكري في مدينة ليون أن يفتح أقبيته للزوار بمناسبة يوم التراث. ولكم أن تتخيلوا أنها بعيدة كل البعد عن صالة المرايا في قصر فيرساي، ولا تشبه غرفة المطالعة ذات الشرفة الخشبية المذهبة في مكتبة مازارين العريقة، ولا حتى قاعة مناقشة الأطروحات في السوربون. لقد كان السجن مكانا للتعذيب وعمليات الإعدام خلال سنوات الاحتلال الألماني لفرنسا، بإشراف الضابط الألماني كلاوس باربي الملقب بـ«سفاح ليون». وفي هذا المكان جرى احتجاز جان مولان، أبرز أبطال المقاومة. كان مولان قد هرب إلى لندن والتحق بقوات فرنسا الحرة بقيادة الجنرال ديغول. ثم أرسله الجنرال إلى ليون لكي يوحد جماعات المقاومة ويصبح قائدا عسكريا لها، الأمر الذي أداه خير أداء حتى اعتقاله في ربيع 1943 واقتياده إلى «مونلوك». ومن هناك تقرر تسفير الصيد الثمين لتسليمه إلى مقر الغستابو، في ألمانيا. لكن جان مولان مات في القطار، قبل أن يعبر الحدود، ولم يتمكن أحد، فيما بعد، من التعرف على جثمانه. وبعد التحرير، ألقى أندريه مالرو، وزير ثقافة ديغول، خطبة من الأدب الرفيع بمناسبة نقل الرفات المفترضة لـ«القائد الشهيد» إلى «البانتيون»، مقبرة العظماء في باريس. كانت الريح صارخة في ذلك النهار من شتاء 1964 الأمر الذي عرقل تسجيل خطبة مالرو في وقتها، لكنها بُثّت على الهواء إلى عدد من المدارس الثانوية. وفيما بعد أُعيد تسجيلها وحُفظ الشريط في المركز الوطني للسمعيات. أما النص الأصلي المكتوب فموجود في متحف المقاومة. ماذا سيرى الفرنسيون وهم يجتازون الأسوار الكئيبة للسجن العتيق؟ ماذا سترى الأجيال العربية المقبلة حين ستتحول سجون «أبو غريب» و«ليمان أبو زعبل» و«المزة» و«تازمامارت» إلى زيارات مقررة على طلبة المدارس، في حصة التاريخ، بدل أن تهدم بالجرافات؟ قبل ثلاث سنوات، تحول السجن الفرنسي إلى «مركز للذاكرة» وفتحت عنابره للفرجة في يوم التراث. لكنها المرة الأولى التي تتاح فيها زيارة سراديبه الرطبة والمعتمة التي كان يجري فيها عزل السجناء المهمين. وقد دعيت سيدة تدعى هيلين بيرتو، لكي تقوم بدور الدليل وترشد الزوار، باعتبارها واحدة من السجناء السابقين الباقين على قيد الحياة. وكانت بيرتو عضوا في المقاومة وصدر ضدها حكم بالإعدام. ثم انتهت الحرب قبل تنفيذ الحكم. سفاح ليون، كلاوس باربي، ظل طليقا طوال العقود الأربعة التالية. لقد هرب، بعد هزيمة ألمانيا، إلى أميركا الجنوبية واستقر في بوليفيا. وفي عام 1983 تمكنت فرنسا من استرجاعه ومحاكمته، علنا. ومن التفاصيل الصغيرة التي يذكرها التاريخ، أن روبير بادينتر، وزير العدل في عهد ميتران، أعاد باربي إلى سجن «مونلوك» في ليون لكي يمضي فيه ليلة واحدة. ليلة «رمزية» كافية ليختبر ما عاناه أكثر من 7700 سجين مروا في السجن نفسه، بأوامر منه، ولم يخرجوا كلهم ماشين على أرجلهم.