لا شك أن الناس مجبولون على حب الشهوات والجمال، والرجل على حب المرأة، والمرأة على حب الرجل، كلٌّ على سواء. وهذه غريزة قد وهبها الله في نفوس عباده. ولكن! قليل منا يكاد يبديها ويطلق عنان حبه ومشاعره من سلاسل القيد، ورباط الأسر، ومن بين جدران السجون! قد كنا في واقعنا البعيد القريب نستنكر على من يحمل بين يديه قصة حب أو رواية غرامية، أو حتى كتاب شعر غزلي رغم تدريسه لنا في مدارسنا، ولكنه باستحياء العذراء في خدرها! كنا أشد استنكارا على الفتاة خاصة عندما تقتني مثل تلك الكتب، فعندها تبدأ نظراتنا تجاهها تتبدل إلى أسوأ النظرات، وتنحدر الظنون إلى أسحق مكان من السوء، كنا نعده انحلالا وبداية سقوطها في وحل الرذيلة. ولكن مع مرور الوقت، وعولمة العالم وانفتاحه، وسهولة التواصل مع الكثير من الحضارات والثقافات، وتقارب المكان والزمان، تراجعت نظراتنا السلبية، وتحولت نوعا ما إلى الإيجابية، وتبدلت كي تكون أكثر جمالا، وأحسن ظنا، وأصبحنا نطلق عليها بأنها فن، وثقافة، ونهم اطلاع ليس إلا. لكن أصبح وجودها نادرا ومقتصرا على الكتب الروائية، والدواوين الشعرية، والقنوات الحوارية الثقافية، وقليل من الصحف الإلكترونية والورقية. بعيدا عن النظرات السلبية، دعونا نفتش بين حنايانا الغائرة على مخابئ عواطفنا الجميلة الرائعة، التي تختزن داخلها أسمى أنواع الحب والغرام، دعونا ننتقي أجمل الأحرف، وأعذب كلمات نظمتْ سطور الغزل، دعونا نطلق عنان اللسان، ونروي به قلوب ومسامع من لهم حق علينا من أمهات، وآباء، وزوجات، وأخوات، وأحباب. دعونا نتعلم معنى الرومانسية والإتيكيت، فقد سبقنا بها رسولنا وحبيبنا صلى الله عليه وسلم، فعلمنا أسمى معاني الأخلاق في الحب، والحياة، فلماذا نخجل إذا؟ فها هو فصل الصيف قد بدأ يلملم متاعبه استعدادا للرحيل، ليأتي بعده الخريف مساقطا كل أوراق أشجاره المصفرة، وينادي كلٌّ حبيبه وحبيبته: تعالي يا محبوبتي فالطبيعة قد راودها الهزل ليلبسها لباس الشيخوخة! ليذعن للشتاء من بعده، مناديا العشاق! ها قد أقبلت! فكلٌ يهمس في أذن معشوقته: اقتربي يا محبوبة نفسي، ضميني فقد انطفأ السراج، وأثقلت أعيننا خمرة السنين! انظريني بعين كحّلها السهاد، عانقيني قبل أن يعانقني النعاس، قبليني فالثلج قد تغلب على كل الأشياء إلا قبلتك، آه يا حبيبتي ما أعمق بحر النوم...! آه يا حبيبتي ما أبعد الصباح..! فلماذا الجفاء إذًا؟!