* إنَّ نقل الأحداث إلى مواقع التواصل يؤثر سلباً في عملية البناء الصحيحة للإنسان التي تسعى لها المملكة العربية السعودية، ويسعى الآخرون من خلال أفعالهِم إلى هدمها لغايات هم يعلمونها إن الأحداث اليومية في داخل المجتمع يمكن رؤيتها من خلال عدسة الصحافة بمختلف أنواعها التي قد يشوبها بعض الأحيان كثير من التغيرات، ولعل آخر الأحداث ما تناقلته وسائل التواصل الاجتماعي والصحف العالمية قبل المحلية حول ما تعرّض له المقيم البريطاني من ضرب وركل لا يعكس القيم الإسلامية التي حثنا عليها القرآن والسنة النبوية من تسامح ورحمة، وبعيداً عن جنسية المعتدى عليه والأسباب التي دعت لذلك الفعل من قبل أفراد الهيئة، فمنذ هجرة الرسول -عليه أفضل الصلاة والسلام- إلى المدينة والنبي المصطفى يدعم قيم الإسلام في نفوس المؤمنين والمؤمنات ويثبت الأساس الإيماني والقيم الحضارية في بناء الإنسان، تلك الرسالة السمحة الوسطية التي قام الرسول بصف لبناتها في نفوس الصحابة؛ فكان الخلق الكريم والصدق والوفاء والكرم والتكاتف والتكافل والتسامح جزءاً من التعاملات اليومية التي أسهمت في نجاح القيم الإسلامية الحضارية. إن جهاز الهيئة الذي وجد دعماً حكومياً كبيراً من أجل إصلاحه مازال بحاجة إلى كثير من النظر والعمل الفعلي؛ لأن الأمر عبارة عن معتقد تنامى في أدمغة بعض أعضائه منذ مراحل التعليم بمختلف المرافق، بالإضافة إلى أن بعضهم قد تكون لديه سوابق كثيرة على المستوى الفردي وينظر للآخرين من منظوره الشخصي.. أوليسَ الإسلام قد حثنا على تقديم حسن الظن على سوئه؟. ومتى ما تحرر هذا المعتقد الخاطئ من الأفكار يصل الفرد بالمجتمع وبالإسلام إلى غايته السمحة. وبعيداً عمن يصف كل من ينتقد الجهاز بكلماتٍ بذيئة كما نقرأها بين الفينة والأخرى، على الواصِف أن يعي قوله تعالى (ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون). جهاز الهيئة وبعض رجال الدين بحاجة إلى وعي وتربية فكرية لا حركات بهلوانية كما كان ظاهراً في نهاية المقطع ولا عنف بالكلام كما كان في بدايته. فهذا الجهاز غير معصوم من الخطأ كغيرهِ من الأجهزة الأخرى في الدولة ولكن أخطاءه ليست فردية بل عامة؛ لأن الحدث منهم يكون باسم الإسلام، تماماً كما يحدث من داعش ومن هم على شاكلتها ممن ينفرون الآخرين من الإسلام بعدما يصورونه على أنه دين غير متسامح. كما أنَّ نقل الأحداث إلى مواقع التواصل يؤثر سلباً في عملية البناء الصحيحة للإنسان التي تسعى لها المملكة العربية السعودية، ويسعى الآخرون من خلال أفعالهِم إلى هدمها لغايات هم يعلمونها؛ فمن الابتعاث وما واجهه من تحريم باسم الإسلام وحتى مد المؤلفات واختطاف التعليم. ولعل هذا يقودني إلى تذكر الباحث الذي طالب بنقل قبر الرسول -صلَّى الله عليه وسلَّم- وصورته الصحف العالمية بأنهُ توجه للسعودية على الرغم من النفي الرسمي لهذا الفكر الفردي، وهذا الربط بين تصرف الأفراد باسم الإسلام قد يشوه الصورة السمحة التي تسعى السعودية لتصحيحها. إن الفرق الذي حصل عند الغرب ولم يحدث لدينا هو النهضة الفكريِّة وغسل المعتقدات الخاطئة قبل نشرها للعامّة ليصبح مؤدلجاً في العقول. فعلى سبيل المثال كان العلماء في الغرب لا ينشرون أبحاثهم إلا بعد موتهم، وإذا ما نشروها كانوا يحذفون منها المقاطع الخطرة التي تتعارض مع أفكار رجال الكنيسة. وقد أُعدم المفكر الإنساني (إيتيان دوليه) عام 1546 حرقاً بتهمة الزندقة والإلحاد لأنه كان يدافع عن التسامح الديني. همسة كثيراً ما يرفض الإنسان الرأي أو الموعظة لمجرد أن النبرة التي قيلت بها تثير النفور، والله -سبحانه وتعالى- قد أمر رسولنا الكريم -عليه الصلاة والسلام- بالدعوة بالموعظة الحسنة، وما يفعله رجال الدين في وقتنا الحاضر هو تنفير من الدين، وهذا يتنافى تماماً مع القيم الإسلامية المختطفة.