×
محافظة مكة المكرمة

جامعة الملك عبد العزيز تستعد لمناسبة اليوم الوطني

صورة الخبر

حياة الفرد منا مقسمة لجزئين .. جزء معاش وهو يومه الحاضر .. وجزء مسجل في ذاكرته وهو أمسه الماضي ، فأما الجزء الحاضر فغالباً ما يخالطه التأفف وعبارات التململ وخيبات الأمل كون كثير مما يقوم به ويصنعه لا يؤتي بثماره كما يخطط ووفق ما يأمل ويتطلع ، لكن وبمجرد أن يضع رأسه على وسادة سريره مرتحلاً نحو الغد ينسى بشكل غير إرادي متاعب ذلك اليوم الذي لم يعد بالنسبة له الحاضر البغيض ، إنما يوم من أيام الجزء الآخر من الحياة .. ذلك الجزء المخبوء في ذاكرتنا على هيئة قصص وحكايا .. إنه الماضي الذي غالباً ما تخالط تفاصيله التنهيدات ، وتغشى ذكرى أيامه أجواء ( النوستولوجيا ) الرقيقة ، وكأنه بالفعل كان جميلاً حينما كان جزءاً من حاضرنا ، وأيما فرد يعيش يومه الحاضر في تعاسة وألم نراه لا ينفك عند ترديد لعناته على هذا اليوم .. لكنه وبمجر أن يستفيق على واقع سعيد يخلو من الكآبة والكدر نلاحظ عليه كيف يتجاهل جمال هذا الواقع مختاراً الالتفات للوراء !! للماضي .. لتلك الأيام العصيبة !! ثم لا يلبث حتى يقول في نفسه .. سقاها الله من أيام . إنها حالة من حالات الغرابة التي يتفرد بها الإنسان دون سواه من المخلوقات .. وهي حالة الحنين المتطرف للماضي بغض النظر عن وصف ذلك الماضي ، وهي حالة تستوجب التحليل والقراءة والتمحيص !! ما السر في حلاوة الماضي دائماً في أعيننا !! لا أدري ؟؟ ربما لأن الماضي لم يعد بالإمكان تغييره أو التحكم بمتغيراته تماماً كلوحة فنية لرسام عالمي مشهور من القرن الثامن عشر ليس لنا من الأمر إلا الإعجاب بتلك اللوحة إياً كانت مدرستها أو رسالتها .. أو ربما لأن الماضي يذكرنا بقوتنا .. وبأننا لم نزل أحياء .. وأننا بالفعل قد انتصرنا على آلامه وقسوته ؟ أو ربما لأسباب أخرى خارجة عن مدار الزمن واللا معقول ..يعني بأمر يشبه ما قاله روبرت نيثن : " لا يوجد مسافة على وجه الأرض أبعد من الأمس " فبعد الماضي هو سر إعجابنا به .. فطالما نحن موقنون أن الماضي بعيد جداً وأبعد من المستحيل .. سنظل متظاهرين بحبنا له والحنين إليه ، لكن ماذا لو أصبحنا متيقنين أنه بإمكان أي منا العودة للخلف .. بمعنى أن لديه القدرة لتكرار حياته التي مضت بكل تفاصيلها ،و ليس عليه إلا أن يتمنى ذلك أو يظهر بعض الاشتياق له .. فهل سيبقى منا من يتجرأ على قول عبارة " سقى الله تلك الأيام " ؟ .