خالد العمري –الحياة-سفراء: في الوقت الذي أعلنت فيه المملكة حربها على الإرهاب وسن قوانين وأنظمة لمكافحة الجرائم المعلوماتية، رصدت «الحياة» استمرار ناشطين وكتاب وأكاديميين يستخدمون لغة التشهير والسب وتخوين وتكفير كل مخالف، في مواقع التواصل الاجتماعي أو على مدونات ومنتديات إلكترونية، يعمل على بعضها أسماء وشخصيات معروفة إعلامياً، خصوصاً في أوساط الدعاة. ولمعرفة الجهة الحكومية المسؤولة عن مراقبة المحتوى الفكري وإغلاق المواقع المخالفة للمنهج الوسطي، كشف رئيس هيئة الإعلام المرئي والمسموع الدكتور رياض نجم في حديثه إلى «الحياة» أن «مسؤولية المراقبة للمحتوى الفكري في طور الانتقال إلى هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات»، لافتاً إلى أنه يعاد تشكيل اختصاص جميع القطاعات والموضوع ليس لدى «الإعلام المرئي» أو «تقنية الاتصالات». وأكد نجم أن مراقبة المحتوى في الأساس من اختصاص وزارة الإعلام، وأن نقل الاختصاص لهيئة الاتصالات وتقنية المعلومات سيتم متى ما توافرت الإمكانات والموظفين المؤهلين. من جهته، قال وكيل وزارة الإعلام للإعلام الداخلي الدكتور عبدالعزيز العقيل إن القاعدة العامة في مخالفة نظام المطبوعات والنشر موضع ملاحظة لدى الوزارة من دون شك، مشيراً إلى أن النشر الإلكتروني خاضع لنظام المطبوعات والنشر، ومن يتضرر منها يمكن أن يتقدم بشكوى للجان القضائية وهي من تحدد مدى المخالفة للنشر. في الوقت الذي تقتصر مهمة هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات على إغلاق المواقع الإباحية فقط، دأبت الحملات الساعية للإساءة على نشر مقالات لأكاديميين وناشطين على موقع التواصل الاجتماعي، تشكك غالباً في أهداف برنامج الابتعاث، ويرون أهدافه تغريبية، واصفين من يقوم عليه بالليبراليين الذين يهددون الأمن القومي، ولا يحملون ولاء للوطن، وذوي أجندات غربية. ومن أبرز تلك الهجمات ما يقوم به موقع يحمل اسم «المجتمع السعودي سياسية»، تصاعدت فيه لغة السب والتشهير في المدونة بلغة فيها تطرف خالف رأي كبار العلماء في المملكة، وخصوصاً في ما يتعلق بالحديث عن شرعية ولي الأمر، واختطاف الإسلام من القائمين على برنامج الابتعاث. ولم تخل مواقع التواصل الاجتماعي من توسيع التشكيك في برنامج الابتعاث، والاتهام المباشر لذوي المبتعثات بأوصاف لا أخلاقية، خصوصاً بعد جرأة أحد المحسوبين على الدعاة بوصف آباء المبتعثات علناً بألفاظ نابية في أحد البرامج التلفزيونية التي أذيعت أخيراً من دون أن تتم محاسبته من الجهات الرقابية. ووصل الأمر لبعض الكتاب في المدونة التي افتتحت منذ 2007 إلى اتهام مسؤولين في الدولة (سابقين وعلى رأس العمل) بأسمائهم الصريحة، بأنهم يقفون خلف المشروع التغريبي ويهدرون المال العام ويسيئون استخدام السلطة. وتبين من خلال الرصد للحملة المنظمة أن من يقومون عليها يعيدون نشر الكثير من المقالات المناهضة للابتعاث، التي تصوره على أنه الخطر المقبل لزعزعة الاستقرار في المملكة، سواء أكان التحذير من عدم استيعابهم في سوق العمل، أم تحذير من تغير المفاهيم الأخلاقية ومحاولة التشكيك في أخلاق المبتعثين ذكوراً وإناثاً، وتشمل تلك الحملة مقالات لكتاب معروفين وأكاديميين في جامعات (تحتفظ «الحياة» بأسمائهم). وتكمن خطورة تلك المواقع وحسابات مواقع التواصل الاجتماعي بحسب أراء مختصين لـ«الحياة» أن إجمالي مشاهداتها بالملايين، ولا يمكن رصد تفاعلهم مع ما يطرح، فيما يستخدم القائمون عليها في معظم الأحيان لغة غير مباشرة للتهرب من المسؤولية القانونية. قانوني: مقاضاة أصحاب «المدونات» مسؤولية المتضررين أوضح المحامي عبدالرحمن المهلكي في حديثه إلى «الحياة» أن مسؤولية مقاضاة أصحاب المدونات ومواقع التواصل الاجتماعي المسيئة وإغلاقها تقع في المقام الأول على المتضررين مباشرة، في حين تنحصر المسؤولية على جهات حكومية عدة في حال كانت الإساءات المنشورة إلكترونياً تتعلق بأمن الدولة أو بالحق العام. وأفاد المهلكي بأن هيئة التحقيق والإدعاء العام أو هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات من ضمن الجهات التي تحرك هذا النوع من الدعاوى قضائياً، ويتم بناء عليها إغلاق المواقع المسيئة. وفي ما يخص مخالفات السب والتشهير لشخصيات عامة واعتبارية على مواقع التواصل الاجتماعي أو المدونات وما شابهها، فصّل المحامي المهلكي في شأن تقديم الدعوى، فإذا كانت المخالفات تتعلق بالشخص نفسه فلا بد من أن يتقدم المتضرر بشكوى ضد هذا الموقع، متبعاً الطرق القانونية في الإبلاغ، أما في حال كان الانتقاد أو التشهير للصفة الاعتبارية للمسؤول، مثل انتقاد وزير أو شخصيات عامة، فيتم تقديم الدعوة بصفتين، الصفة «الشخصية» للمسؤول، وأن تقوم الجهة الإدارية التي يمثلها بالترافع عنه أسوة بالأشخاص الطبيعيين. ولفت إلى إمكان رفع دعاوى قضائية للسب أو التشهير على أي موقع مارس السب أو التشهير حتى لو كانت منذ أعوام، مستدلاً بقانون: «الحق لا يتقادم» طبقاً لقول الخليفة الراشد عمر بن الخطاب.