الإرهاب لم يعد قضية تشغل أهل بلد معين أو منطقة خاصة أو إقليم بعينه، بعد أن أصبح مشكلة عابرة للقارات وكسر دائرة تصنيفه في أعمال محددة أو ثقافة أو دين أو فئة. فالإرهاب أصبح خطرا يتهدد الجميع، والتهاون في الاستعداد لمواجهته وتوفير وسائل محاربته يعد تقصيرا يلحق الضرر بمكتسبات الأوطان وينشر الفوضى والدمار ويدخل العالم في مرحلة تنذر بأخطار عميقة قد تؤدي إلى تغيير الخرائط السياسية في العديد من البلدان. وما يجري في سوريا والعراق وما يشاهد من فوضى في أكثر من بلد عربي يوجب على الدول العربية ومؤسساتها السياسية والتشريعية والتربوية والإعلامية بلورة موقف موحد تجاه هذا الخطر حتى يمكن لأي تحرك دولي أن يكون في صالح أهل المنطقة. والدول الكبرى تحركت بعد أن شعرت بأن خطر الإرهاب لم يعد محصورا في مناطق بعيدة عنها ويمكن إدارة مخاطره بما يحفظ لها استقرارها ورخاء شعوبها، وهذا التحرك الدولي الذي انطلق الأسبوع الماضي في مؤتمر حلف الناتو سيضع خطته، التي لم تتضح معالمها حتى الآن، لمحاربة تنظيم داعش وفق مصالح الدول المشاركة في الحلف، ومن هنا يصبح من واجب الدول العربية أن تضع رؤيتها وخطتها للمشاركة في هذا التوجه الدولي المحارب للإرهاب دون أن ترتهن لأي خطة لا تراعي مصلحة دولها وشعوبها، وهذا يتحقق حين تبادر الدول العربية إلى تقديم رؤيتها وخطتها النابعة من مصالحها وتوفر لها الوسائل المساعدة على تنفيذها.