يسمونه (الفيلسوف) لكثرة أفكاره وإصراره على رأيه.. يلتقون معه في (الاستراحة) ويحبون إثارته.. ولتقدمه في السن كثرت تجاربه وتشعبت أحاديثه.. حين اشتد الحر كثر حديث الشباب من حوله عن السفر، فنظر إليهم وقال: تعالوا.. قولوا لي لماذا تسافرون أصلاً؟! -هذا سؤال يا عم!-، إلا هذا هو السؤال! نسافر نشم الهواء ونرى الناس ونهرب من الحر، أنتم في جو مكيف ليل نهار في المنازل والأسواق والسيارات، الهواء الطبيعي أفضل، أي طبيعي؟ جو لندن وباريس الملوث؟ والرياض ما فيها تلوث؟!، فيها لكنه أقل -نريد أن نرى العالم-، أنا رأيت العالم وندمت! العالم كله الآن في التلفزيون! عندك ألف قناة، - نريد أن نرى الطبيعة الجميلة- هي في التلفزيون أجمل بكثير، مشاهد من أجمل مناظر العالم مختارة بعناية ومصورة بشكل رائع، -الأصل يختلف عن الصورة- الصورة أجمل وأكمل ولا فيها إزعاج، -أي ازعاج يا فيلسوف- إزعاج الناس وأصوات الباعة والسيارات، -أنت تعتبره إزعاجا ونحن نعتبره حياةً-، في التلفزيون حياة أكثر ومناظر أبهى وبعيداً عن القلق -يا عم حين كنت شاباً كنت (خاطوف) من قارة لقارة-، لأنني كنت جاهلاً وندمت! ثم إنه لم يكن في زمني فضائيات تنقل أبهى مناظر العالم إلى غرفتي ولا نِت، أطوف من خلاله العالم وأنا مستريح من الطائرات والمطارات وازدحام الناس وأكل المطاعم وصرف الألوف، -إذن المسألة توفير فلوس؟!، -لا.. ولكن إذا كنت سأحصل على مشاهد أفضل وبلا خسارة فالدفع حماقة-، السفر يجدد النشاط، -بل يقتل النشاط تعود من الإجازة وأنت في حاجة إلى إجازة، -تقول هذا بعد ما شبت وضعفت-، أقول هذا بعدما عقلت وفهمت، -يا فيلسوف كل العالم يسافرون، هل هم مخطؤون وأنت وحدك المصيب؟!-، من قال لك إن كلهم يسافرون؟ ما يسافر إلا الفارغ أو من يحب المظاهر، -اسمع يا عم اتفلسف كما تشاء، ولكن ثق أن السفر من متع الدنيا.