أوضحت الاستشارية النفسية الدكتورة منى الصواف أن دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز المجتمع الدولي للتكاتف ضد الإرهاب اصابت اصحاب الفكر المنحرف في مقتل. وأضافت إنه من النواحي النفسية فإن أصحاب الفكر المنحرف ينقسمون إلى ثلاث مجموعات شريرة وأنه يجب إطلاق مناهج دراسة ترتكز على الإبداع الفكري لتحصين الشباب من أصحاب الضلالات. واستطردت الصواف إلى أهمية وجود قانون لحماية الأفراد الذين يبلغون أو ينتقدون مثل هذه الجماعات مثل برامج حماية الشهود المعمول بها في بعض الدول، ونبهت إلى وجود إشكالية كبيرة في مناهجنا التعليمية في المدارس التي تركز على الحفظ ولا تركز على الفهم والإبداع الفكري. كما تطرقت إلى سيكولوجية الفكر الإرهابي.. فإلي تفاصيل الحوار. • كيف تعرفين الإرهاب الذي يسود في الراهن؟ - التعريف الدولي المتعارف عليه للإرهاب هو اعتداء دولي على المدنيين كهدف رئيس بهدف تحقيق أهداف سياسية أو دينية لدى الجماعة التي تقوم بهذا الاعتداء بدون اي اعتبار للقوانين الدولية والتسبب في حدوث آثار من الخوف والقتل والاغتصاب ضد الأشخاص وتدمير للممتلكات تحت شعار تؤمن به هذه الجماعة. • من وجهة نظر نفسية سيكولوجية عن ماذا يبحث أولئك المنتمون للجماعات المتطرفة؟ - للإجابة على هذا السؤال حول أهدافهم ودوافعهم يجب أولا أن نحدد هوية هذه الجماعات كأفراد وكجماعات، من الناحية النفسية لا يمكن تصنيف هذه الجماعات ضمن إطار نفسي واحد وهناك أكثر من نوع من هذه الجماعات من الناحية النفسية ويمكن تصنيفهم في ثلاث مجموعات تتمثل في الشخصيات السيكوباتية العدوانية ضد المجتمع ويميزها انها شخصيات عنيفة لا تشعر بالرحمة أو الرأفة تجاه الإنسان ولا تتعلم من الأخطاء ولا يعرفون معنى تأنيب الضمير وتظهر هذه العلامات منذ الطفولة حيث يميل الطفل الى التلذذ بتعذيب الحيوانات والهروب المدرسي وبالتالي جنوح الاحداث، النوع الثاني يتمثل في أشخاص أذكياء لديهم بعض سمات التوحد خاصة عدم القدرة على التفاعل الإنساني ويتعاملون مع الأشخاص كأشياء وليس كإنسان، ولديهم نمط من السلوك المحدد والمتكرر ويجري تجنيدهم من قبل الأشخاص العدوانيين السيكوباتيين للقيام ببعض الأعمال التخطيطية للعمليات الإرهابية. النوع الثالث هم التابعون من المهمشين في المجتمعات وعادة ما يغلب عليهم قصر مستوى الذكاء، وضحالة التفكير. وكل هذه الفئات لا يكون الدافع الديني الإسلامي هو السبب وراء ما يقومون به كدافع او حافز، لأن فهمهم للدين الإسلامي ليس صحيحا كما هو الحال عند المتخصصين الحقيقيين في الشريعة الإسلامية ولذلك سنناقش الدوافع النفسية لكل فئة على حدة حتى نفهم سيكولوجياتهم ولإيجاد آليات فاعلة لمحاربتهم. المجموعة الأولى وهي مجموعة الشخصية السيكوباتية او المعادية للمجتمع وعادة ما يكونون هم القادة للمجموعات الأخرى والمستفيدون من تضحيات الشباب بحياتهم رغبة في تحقيق الكسب المعنوي للقيادة وأيضا الكسب المادي حيث يطمحون أن يكونوا زعماء وقادة العالم في يوم ما وهذا يفسر لماذا لا يقدمون أبناءهم او ان يقوموا هم بأنفسهم بعمل ما يحضون الشباب على فعله من أعمال إرهابية، ونجد ان الدافع لديهم هو حب السلطة والجبروت وهو دافع اقوى حتى من دافع المال لدى الكثيرين منهم، ولعل من المضحك ان نجد بعضا من هؤلاء الأشخاص ينفقون الملايين على حملات الدعاية الانتخابية في الغرب للفوز بمنصب ما لا يحقق دخله واحدا في المئة مما صرفوه على حملات الدعاية للوصول لهذا المنصب. المجموعة الثانية هم الأشخاص الأذكياء والذين لديهم بعض سمات التوحد: يوجد العديد من هذه الشخصيات والتي تعمل في مجالات الكمبيوتر والتقنيات الدقيقة المعقدة ولكن ليس لديهم اي تواصل اجتماعي وعلاقاتهم الاجتماعية ليست جيدة او حتى بنفس مستوى القدرات العقلية مع العمل التكنولوجي وهؤلاء الاشخاص هم الذين يتم تجنيدهم للعمل مع هذه الجماعات في مراكز الاتصالات والتخطيط والاهتمام بالجوانب المتعلقة بالانترنت وغيرها، وما يميز هذه المجموعة أن وجود علامات التوحد لديهم يمنعهم من تقييم المواقف الأخلاقية لما يقومون به أو ما يعرفونه عن الجماعة الارهابية التي يعملون معها، وتستغرب اذا عرفت ان عددهم يمثل 1% من عامة السكان في اي مجتمع ويعجزون عن التكيف مع المجتمع وبخاصة الاشخاص المحيطين بهم. المجموعة الثالثة هم مجموعة من التابعين المهمشين في المجتمع والذين فشلوا في تحقيق ذاتهم في مجتمعهم، وهم عادة اشخاص يسهل تجنيدهم من قبل القياديين السابق ذكرهم في المجموعة الأولى حيث يتلاعبون على المشاعر العاطفية بأن الله اختارهم للجهاد وهو ما يجعلهم يشعرون بالرضا النفسي بأنهم اصبحوا مميزين وينتمون لجهة تقبلهم بل وتجعلهم يعتقدون ان الله منحهم الشهادة والجنة والحور العين بدلا من هذه الدنيا وغيرها من عبارات الابتزاز والشحن العاطفي لهم، وبالتالي يشكلون نوعا من انواع العصابات التي لا تخضع الا لقانون هذه العصابة وزعيمها ولا يكون الاستشهاد هو الحافز الوحيد عند هذه المجموعة ويضاف اليها الولاء للجماعة التي تقبلتهم وزعيمها بنفس الدرجة من الأهمية، ولذلك يكونون هم الأشخاص الذين ينفذون التفجيرات ويرتدون الاحزمة الناسفة وغيرها من اساليب القتل. • الفكر المنحرف والمفاهيم الخاطئة اختطفت الكثير من الشباب باتجاه مواقع الاقتتال، ما الذي نحتاجه اليوم لمواجهة ذلك؟ - لا بد أن نوجد لشبابنا فكرا متزنا ومعتدلا يتماشى مع سماحة ديننا ألا وهو أنه «دين وسط» والتعصب والتطرف كانا مما كره رسولنا الكريم.. والاحاديث الشريفة في ذلك معروفة وكثيرة وللأسف نرى في حياتنا هنا تركيز كبير على إنكار الآخرين وإنكار آرائهم يجب أن نفهم من أن لكل مفهوم في الحياة أكثر من رأي وأن هناك آراء كثيرة وتفاسير كثيرة لموضوع واحد ويجب على شبابنا أن يتعلم من أن الاختلاف في الرأي شيء مقبول وأن مجرد أن يكون هناك رأي مخالف لرأيك أو رأي شيخك لا يجعل بالضرورة أن يكون رأيك هو الصواب وهناك أمور كثيرة في الحياة نجهلها ولا نعرفها جيدا ونفكر فيها برأينا.. قد يكون رأينا هو الصواب وقد لا يكون، علينا احترام آراء الآخرين وعدم التعصب لرأينا، قد لا نوافق على ما يراه غيرنا ولكن هذا لا يعني أن نكفره أو نصفه بالجهل إذا شاعت مثل تلك المفاهيم عندنا سيقل التعصب ويقل التطرف والغلو، والغلو في كل شيء غير مرغوب كما أن هناك مشكلة كبيرة في مناهجنا التعليمية في المدارس التي تركز على الحفظ ولا تركز على الفهم والإبداع الفكري، يجب علينا أن نعلم أولادنا كيف يفكرون ويحللون ويصلون الى نتائج من داخل عقلهم وليس من خلال الحفظ. • لك رأي عن إيجاد قانون يحمي كل من ينتقد أو يعري فكر تلك الجماعات المتطرفة أو يجرمها أو يكشف مخططاتها كيف تنظرين إلى ذلك؟ - لا يمكن أن يوجد أي قانون يحمي أي شخص من الذي يحمل فكر إرهاب لأن هؤلاء ببساطة لا يحترمون أي قانون ولا أي نظام ولا يعيرون لما يصدره ولي الأمر اهتماما.. سوف يعملون وينتقمون بغض النظر عن اي قانون، ولذلك اتمنى ان تقوم وزارة الداخلية بوضع آليات لحماية الأفراد الذين يبلغون او ينتقدون مثل هذه الجماعات مثل برامج حماية الشهود المعمول بها في بعض الدول مثل امريكا حتى لا يخاف الناس من أن يتم الانتقام منهم من قبل هذه الجماعات فللأسف هم مجهولو الهوية للناس في المجتمع ولكنهم يعرفون من ينتقدهم وقد يقومون بإيذائه بأي شكل كان.