×
محافظة المنطقة الشرقية

حمد الجاسر ومسيرة الصحافة .. ملاحظات عابرة !!

صورة الخبر

يرى القانون الثاني للديناميكا الحرارية الذي صاغه للمرة الأولى سادي كارنو SADI CARNO عام 1829م أن مآل الكون إلى الانحطاط والتشيخ، في صيرورة غير قابلة للتراجع، وهكذا رأت الفيزياء من خلال عيني النسبية والديناميكا الحرارية، قانون الصيرورة يطوق الوجود الفيزيائي؛ باعتبارين الأول حركي ديناميكي والثاني انهدامي تراجعي من خلال دورة تكرر نفسها إلى أجل مسمى. ورأى جان بياجييه مؤسس علم النفس الارتقائي من خلال دراسته على أولاده الثلاثة جاكلين ولورانت ولوسيان أن القدرات العقلية عند الطفل تنتقل من المستوى الحسي الحركي إلى المستوى التجريدي، من خلال التطابق بين الكلمة والموضوع أولاً، ثم التمييز بينهما، ليصل في النهاية إلى معالجة عقلية دون الاعتماد على المحسوسات، مما يذكرنا بقصة حي بن يقظان لفيلسوف الأندلس ابن طفيل. ويرى المفكر مالك بن نبي أن نمو الإنسان يمر في طيف من ثلاثة عوالم متداخلة فينتقل من عالم الأشياء إلى عالم الأشخاص لينتهي في النضج بعالم الأفكار. أما عالم النفس ايريكسون ERICCON فقد وضع نظاماً ثمانياً OCTAGON أطلق عليه أزمات الارتقاء، يتقلب الإنسان فيه بين ثمانية أدوار، كل دور يسلم إلى الذي بعده، من طفل يعامل الكون على أساس الثقة من عدمها، واليقين مقابل الشك، والمبادرة مقابل الإحساس بالذنب، وروح الدأب مقابل مركب الشعور بالنقص، وأزمة الهوية في مرحلة المراهقة، ليدخل في مرحلة الشباب الأول حتى سن 35 سنة، إما لإنشاء علاقات حميمة وبناء أسرة جيدة، أو الفشل والانعزال، لينمو في مرحلة الشباب الوسطي والمتأخرة حتى سن 65 إلى الانتشار مقابل التقوقع، ليختم صيرورة حياته بأحد شعورين مع طيف من الإمكانيات، بين الإحساس بالتكامل والرضا، أو شعور الإحباط واليأس وضياع العمر. في البيولوجيا لا يبقى مستوى السكر في الدم في لحظتين متتابعتين متشابهاً، وأحداث التاريخ أشد تعقيداً، بسبب وفرة عناصر اللعب في الحادث الواحد، ولكن مستوى السكر في الدم يبقى في حدود جرام واحد لليتر الواحد من الدم يزيد وينقص قليلاً، فإذا زاد دخل المريض في حالة السبات، وإذا نقص دخل الدماغ في الغيبوبة والهذيان، وأحداث التاريخ لا تشبه الواحدة الأخرى في سياق التدفق والصيرورة، ولكن ضمن قانون داخلي خفي محجوب يدفع الحركة إلى مصيرها أو في تعبير القرآن فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ السنة بمعنى القانون الرتيب المكرر في عمومه، المختلف في تفصيلاته وتطبيقاته الميدانية، وبذا لا يصبح فرعون شخصاً تاريخياً بل ظاهرة إنسانية مكررة تخضع لقانونها الاجتماعي، ولا ينحصر الشرك في أصنام الحجر والتمر، بل يتعمم إلى الوثنية السياسية والعرقية والقبلية والفكرية، وعبَّر عن هذا الفيلسوف محمد إقبال شعراً: تبدل في كل حال مناة ** شاب بنو الدهر وهي فتاة. نقلا عن الشرق