من نافلة القول إن العلاقة بين الإنسان والطبيعة شرط للتصالح مع العالم والوجود. ولو قرأنا لتجارب العظماء في علاقتهم مع الطبيعة لأدركنا أنها أساس إبداعي وذاتي، لنقرأ العلاقة بين جان جاك روسو وبين النباتات في كتابه: «هواجس المتنزه المنفرد بنفسه»، لهالنا مستوى الدقة في الحميمية بين الإنسان والنبات وعالم الطبيعة والخضرة والنهر والبحر، والحيوان والشجر. هناك سوء علاقة بين الإنسان العربي وطبيعته وهذا أشار إليه أدونيس بوصف هذه القصة جزءا من اهتمامه النظري. بقيت الطبيعة بالنسبة للإنسان في الصحراء مجرد مفازة يضرب من خلالها أكباد الإبل للوصول إلى مكانٍ للرعي، أو موطئ قدم للنزول. ومن هنا الفرق بين إنسان الصحراء وإنسان الريف لجهة التصالح مع الطبيعة وثمراتها. تمعنت كثيراً في لقطات تعذيب الحيوانات، من تعذيب ثعلب إلى حمار إلى حصان ومن ثم كلب، أما القطط فحدث ولا حرج، وكم رأينا من القطط من قطع ذيله أو كسرت رجله، هذه الوحشية العجيبة في التعامل مع الحيوانات لا تصدر من بيئةٍ طبيعية ولا من إنسانٍ صحيح. المشكلة أن إحدى لقطات التعذيب كانت على يد «فنان» يؤدي أدوارا تمثيلية، وهو من المفترض أن يكون أكثر شفافيةً ودقةً وذوقاً في التعامل مع الحيوانات، ضرب الثعلب بالأرض أمام الكاميرا وهو في غاية الاغتباط والسعادة والتلذذ. لاشك أن هناك حمولة ثقافية وبيئة صلبة جلدة جعلتنا لا نحتقر الإنسان فقط، بل وتصل المسألة إلى الحيوانات المسالمة العادية وليست المفترسة. كتب الصديق مشاري الذايدي في أكتوبر من العام الماضي مقالة مؤلمة وصادقة في معانيها بعنوان: «أين النعام في السعودية الفهد والنمر والضبع والذئب، كلها كانت، إلى فترة قريبة، من سباع البر السعودي، كذلك القطا والكروان والقمري كانت من الطيور الجميلة في وديان الجزيرة العربية وفيافيها.. تكاد تختفي. كل شيء معرض للاختفاء حتى رمال الصحراء». هل نحن قساة حتى صحراؤنا؟!