هل هناك فرق في مستوى معيشة من يمتلك 200 مليون ريال، وبين من يمتلك 100 مليون فقط؟ قد يكون السؤال افتراضيا، لأن أغلبنا لا يهمه أن يعرف الجواب. لكن ماذا لو تناقص المبلغ إلى فئة آحاد الملايين، التي يستطع الوصول إليها عدد لا بأس به من أبناء الطبقة المتوسطة، فهل سيتغير أسلوب حياة الإنسان مع زيادة رصيده في البنك؟ أم أنها مجرد أرقام تتصاعد دون أثر ملموس على حياة مالكها؟ بالطبع كلما زادت ثروة الإنسان كلما تقلص الفارق في رفاهية معيشته بينه وبين منافسيه من أصحاب الملايين، حتى تصل إلى مرحلة تصبح الأموال فيها مجرد أرقام يستمتع مالكها برؤيتها شامخة على كشف حسابه البنكي، على العكس من البدايات، حينما كان الريال الواحد يحدث فرقا ملموسا، لكنها للأسف شهوة المال وحب امتلاك الأشياء، لذا يحرص جوقة من الأثرياء على شراء الأكبر والأفخم والأحدث من أي شيء، مع علمه الواثق أنها لن تزيد من مستوى سعادته، ولن ترتقي بأسلوب حياته! فها هو أغنى رجل بالمعمورة: "وارن بافيت" مايزال يعيش منذ عام 1958 في منزله الخاص بولاية "أوماها"، حيث مقر شركته المالية، الذي اشتراه بـ31,500 دولار، وتبلغ مساحته 610 أمتار مربعة فقط، وهذه المساحة بالطبع ليست مساحة قصر واسع الأرجاء كما يتوقع الجميع من صاحب ثروة 65 مليار دولار! بينما غيره من ملاحقي المال لا ينامون الليل، ولا يستمعون بحياتهم، ولا يعيشون مع أبنائهم، فقط أقصى طموحهم جمع ريال هنا وريال هناك، وقد ينجح هؤلاء في مسعاهم، لكنهم ـ بالتأكيد ـ يخسرون صحتهم، وعلاقاتهم الزوجية، وينسون أصدقاءهم المخلصين، ويبتعدون يوما بعد يوم عن أبنائهم. فأي مال وأي "رصيد" مهما بلغ يستطيع أن يعيد إليك شبابك وروح حياتك من جديد؟!