شكل مجلس التعاون الخليجي طوال الثلاثين عاما الماضية الحزام الآمن الذي يحوي الدول من الاضطراب والتفتت، بدليل أن الدور الذي لعبه المجلس إبان غزو الكويت كان قويا وحاسما وحازما، هذه الدول صغرت أم كبرت تعيش على بحيرات من النفط، وبها من الموارد والمواقع الاستراتيجية والجغرافية ما يغري أهل الأطماع، لهذا بقيت وحدة الخليج شوكة في خاصرة الأعداء، وأنصافهم ممن يصح وصفهم بـ«الأعدقاء» ومن بينها دول ابتهجت بالخلافات الخليجية على إثر سحب السفراء، ذلك أنها ومنذ الثمانينيات تحاول أن تبسط يدها على مشاريع كبرى من بينها مشاريع مياه تريد تأسيسها إلا أنها سرعان ما تتعثر، وهذه مسألة أخرى. القمة الخليجية الأخيرة كانت إيجابية بأجوائها، هناك تقارب في الخطوات بين دول المجلس، السعودية والإمارات والبحرين كل من هذه الدول أدى أدوارا إيجابية لإتاحة المجال نحو إيجاد حل للموضوع القطري. كلنا في الخليج نريد أن نطور، حتى المجلس ليس فقط من أجل أن نحل عبره الخلافات، بل أن نطور التعاون ليتحول إلى وحدة على مستويات: سياسية، اقتصادية، بالدرجة الأولى. وهذه ليست معجزة، لقد نفذنا شيئا من ذلك من خلال الوحدة الجغرافية عبر السفر السهل والسريع بين الدول الست، لكن الأهم أن نصل إلى مرتبة الاتحاد. كانت نقاط الخلاف والنزاع التي تهيمن على العلاقات الأوروبية فيما بينها كبيرة، وقبل أن تجف دماء الحربين العالميتين اللتين ذهب ضحيتهما مائة مليون إنسان، استطاعت بعد ذلك بقليل أن تؤسس للوحدة الاقتصادية والسياسية، ونحن بيننا من المشتركات الكثير هناك تقارب قبلي وفكري وثقافي وديني وهناك تصالح بين المجتمعات وتفاهم بين الحكام، كل هذه مؤهلات لأن لا نكتفي فقط بحل الخلاف، بل بالوصول إلى الاتحاد متجاوزين مفردة التعاون. ليس من مصلحة دولة أن تغرد خارج السرب، التوافق مع الجيران ضرورة كبرى لاستقرار أي دولة صغرت أم كبرت، فهل من مدكر؟!