لسنا أمام السؤال المحيِّر.. من أوجد داعش؟ فالغرب اعتبرها نتاج الأسد ونظامه، ونسي دور المالكي الذي لا يقل سوءاً حين كان نظامه رمزاً ثقيلاً للهزيمة من هذه المنظمة الإرهابية لتمتلك مصادر مالية هائلة وتجنيداً لشباب عالمي يغنيها عن دعم قوى الظل من حكومات ومنظمات وأفراد.. الملك عبدالله أعلن بتصريحين سابقين قصور عمل المشايخ وغيرهم، ثم اجتمع مع سفراء العديد من الدول وتكلم بشفافية وصراحة ما سيواجهه العالم من الإرهاب، وركز على أوروبا وأمريكا محملاً تلك الأجهزة الدبلوماسية نقل هذه الحقيقة لدولهم، غير أن تأخر ضرب داعش بتعليلات وأقاويل وصلت إلى حد الاستهتار بها، كشف أن مراكز الاستخبارات والرصد وتحليل عمل السفراء المتواجدين بالمنطقة لم تعكس الحقيقة بصورتها الخطرة، فكان التهوين من منظمة مولودة في منطقة موبوءة من الأمور العادية والطبيعية، لكن تفشي الظاهرة وجذبها عناصر أوروبية أو أمريكية، أيقظ العقل السلبي الصامت بتلك الدول ودفعها إلى الدخول الفعلي في ضرب قواعد داعش؟.. الحرب مع هذه المنظمة الجاذبة لعقول الشباب لا تقف على توجيه الأسلحة لقواعدها فقط، لأن المواجهة تتصل بعقل الجماعات والقيادات التي تحركها، والتي سخرت دعواتها السرية والعلنية سواء من خلال أعشاشها الخفية، أو العلنية بالوسائط الحديثة خوض معارك ومواجهات مع كل العالم، وبصرف النظر عمن يفسر أعمالها بالطائفية أو النزعة الإجرامية التي لا تختص بدين ومذهب وجنس، فإن نشر مبدأ الجريمة بالتخويف بتصوير قطع الرؤوس وبيع النساء وطرد السكان، جاء كفعل أعطى رعباً للمحيط التي تدور به معارك هذه المنظمة، بل وهناك دول قريبة من نيرانها أصبحت تخشى أن تكون المستهدفة بأعمال لا تقوى على كشفها أو مقاومتها.. الكلام عن تحالف دولي لمكافحة ومقاومة الإرهاب عمل دعا له الملك عبدالله مبكراً وأنشأ مركزاً لهذا الغرض، ودعم بمئات الملايين المنظمات الدولية لتحقيق هذا الهدف، بمعنى أن ما قاله وقدمه كمشروع للعالم أجمع لم يكن بمستوى الحماس والإدراك الذي يراه، ولا يزال العمل في هذا المشروع ممكناً مع أننا يجب أن ندرك كافة العقبات مع مختلف الدول.. فالكبرى تريده انتصاراً سياسياً وعسكرياً لها، لكنها تعرف أنه بدون تعاون مثمر مع دول المنطقة ومحيطها لا يمكن تحقيق أي نتيجة حتى لو تعالت كثافة النيران على الوسائل المرافقة والمساعدة، لكن هل يمكن أن تتفق الدول العربية والإقليمية وبدعم من أمريكا وحلفائها تنشيط هذا العمل بدون تباينات وكشف الحقائق بأن بعض الدول داعمة للإرهاب وبعضها مستفيد منه، وأخرى تجده معركة عربية داخلية بعيدة عنها وتعزز مكاسب لها، وتبقى تلك التي تعمل بالفعل على هدف المكافحة وهي في نظر غيرها يجب أن تستنزف مادياً في كل جهودها.. الموضوع لا يقبل أن تغيب مخاطره عن دولة خارجية أو إقليمية وعربية إذا وصلت القناعة عند الجميع أننا بالسفينة الواحدة، لكن أن يفسر الموقف بمكاسب وخسائر ونجاح لطرف على حساب آخر، سيبقى الجميع أمام تجربة سابقة بالعجز عن بتر القاعدة وإنهائها، وهي التي انبثق عنها داعش وملحقاتها، ولعل الشعور بالمسؤولية أننا أمام عشائر وقبائل ومنظمات خارجة عن النواميس والقوانين الإنسانية، فلا بد من نبذ الأنانية والتحالف أمام خطر واضح أصبح وجوده كبيراً وخطيراً والجميع لديه أعداء لا بد أن تنفذ بهم أحكام فقه الإمام الداعشي ومناصريه..