أكد عدد من خبراء الاقتصاد على أهمية تطبيق مشروع "التأمين ضد التعطل عن العمل "والذي تمّت الموافقة عليه مؤخراً من قبل مجلس الشورى، مشترطين في الوقت ذاته سلامته من المخالفات الشرعية؛ كونه يقوم بحماية الموظف – بعد الله – من تداعيات التعطل عن العمل وتوقف دخله المالي، وتأمينه بمبلغ مالي مناسب يغطي احتياجاته المعيشية والتزاماته الأسرية. النظام من الحقوق الواجب توفيرها للموظفين عند تسريحهم لأسباب قاهرة عن العمل أو الاستغناء عن خدماتهم وأوضحوا خلال حديثهم ل "الرياض" أن تطبيق هذا المشروع من حقوق الموظفين والتي كان من المفترض تطبيقها في سوق العمل السعودي منذ سنوات، بحيث يستطيع المتعطل عن العمل من الاعتماد بعد – الله – على إحدى حقوقه المشروعة وهي التأمين عليه ضد التعطل وليس هذا فقط، بل يجب أن يتوافق مبلغ التأمين مع احتياجات الموظف المعيشية، لا سيمّا وأن نظام التأمين ضد التعطل مطبق في كثيرٍ من الدول العالمية وليس بالأمر الجديد، بالإضافة إلى الزيادة المتوقعة في نسبة اشتراكات التأمينات الاجتماعية حال تطبيق هذا النظام، وهو الأمر الذي سيقوم بتغطية تكاليف هذا المشروع بالكامل، وبالتالي ستكون التكاليف مدفوعة القيمة، وانتقدوا الدور الذي يقوم به مجلس الشورى، كونه – بحد تعبيرهم – لا زال بعيداً تماماً عن احتياجات الموظفين وهمومهم، ومنشغلاً بأمور لا تلامس الحد الأدنى من تطلعاتهم، وأن هذا المشروع توجه محمود للمجلس في بحث مشاكل الموظفين وإيجاد الحلول المناسبة لهم. وبيّنوا أن المشروع سيعود بالفائدة الكبيرة على العاطل عن العمل، حيث سيكون عاملاً مساعداً له في مواجهة ظروف الحياة وتأمين حالته المادية خلال فترة التعطّل، فهذا النظام يهدف إلى التأمين ضد التعطل عن العمل بتوفير الدخل المناسب للفرد المتعطّل إلى حين حصوله على عمل بديل مناسب، وليس التأمين مدى الحياة، وأبعاداً أخرى كتعزيز توظيف الكفاءات الوطنية من الجنسين في القطاع الخاص وتوفير الأمان الوظيفي فيه والذي ينشده السواد الأعظم من الموظفين . وشددوا في الوقت ذاته على ضرورة مرافقة المشروع للضوابط النظامية المناسبة له والتشريعات التي تعمل على توفير قاعدة بيانات شاملة وواضحة عن الموظفين، ومحصنّة ضد التزييف أو التدليس. وألمحوا بضرورة دخول شركات تأمين ذات ملاءة مالية قوية إلى السوق المحليّة، وأن تكون هنالك جدية في البحث عن عمل بديل من قبل الشخص المتعطل عبر تزويد الجهات المعنية بتقارير دورية متفق عليها عن حالته الوظيفية، وزياراته للمؤسسات والشركات من أجل البحث عن عمل. وحذروا من ترك أي ثغرات في نظام المشروع حال تطبيقه والعمل به؛ للحفاظ عليه من التلاعب والاحتيال. وحول أثر هذا النظام محليّاً ذكروا بأن هذا الأثر سيتمثل في دعم وضع الشركات التأمينية في المملكة ورفع قيمتها، إلا أنه قد يتسبب في نفس الوقت بحدوث بعض المشاكل كارتفاع تكلفة الموظف ورفع اشتراكات الشركات والمؤسسات وبالتالي تكلفة الإنتاج والتضخّم، أما جوانبه الإيجابية فسيقوم بتخفيف العبء على القطاع الحكومي، وإحداث هجرة عكسية للموظفين من القطاع العام إلى الخاص، بالإضافة إلى رفع مستوى جودة الخدمة في قطاع التأمين نتيجة ارتفاع حدّة التنافسية فيه من قبل شركات التأمين. مواجهة ظروف الحياة وأشار أستاذ الإدارة الاستراتيجية وتنمية الموارد البشرية بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن الدكتور عبدالوهاب القحطاني إلى أن نظام التأمين ضد التعطل عن العمل سيعود بالفائدة الكبيرة على العاطل عن العمل الذي فقد عمله لأسباب خارجة عن إرادته، وسيساعده على مواجهة ظروف الحياة وتأمين حياته المادية، مشترطاً في الوقت ذاته خلّوه – أي النظام – من أي مخالفات شرعية قد تتعارض مع تطبيقه. ولفت الدكتور القحطاني إلى أن الهدف من تطبيق نظام التأمين ضد التعطل عن العمل هو توفير الدخل المناسب للفرد المتعطل عن العمل لغاية حصوله على عمل بديل، وأن هذا التأمين محدد بفترة التعطل فقط وليس مدى الحياة. وشددّ القحطاني على ضرورة وجود الضوابط النظامية واللوائح التشريعية المناسبة لتطبيق التأمين دون وجود أي ثغرات تسمح بالتلاعب في هذا النظام، محمّلاً وزارة العمل مسئولية القيام بدورها على نحوٍ فعال؛ لاضطلاعها المباشر في هذا الشأن من حيث متابعة المتعطلين عن العمل، والتأكد من مساعيهم الجادة في البحث عن أعمال بديلة، وعلى ضوء ذلك يتمّ تحديد مستوى جدّية المتعطل عن العمل في بحثه؛ لأجل اتخاذ القرار المناسب في تأمينه من عدمه. وطالب بالجدّية من قبل الفرد المتعطل عن العمل عبر تزويد الجهة المعنيّة بالتقارير الدورية المتفق عليها، والتي تبيّن مساعيه في البحث عن عمل بديل. حق للموظف إلى ذلك اعتبر المحلل الاقتصادي فضل البوعينين نظام التأمين ضد التعطل عن العمل من الحقوق الواجب توفيرها للموظفين حال تسريحهم لأسباب قاهرة عن العمل والاستغناء عن خدماتهم من أي جهةٍ كانت. وقال البوعينين إن المتعطل عن العمل في حاجة ماسّة لهذا النظام، كي يقوم بالاعتماد عليه، بالإضافة إلى ضرورة توافقه مع احتياجاته المعيشية لاسيمّا وأنه – أي النظام – مطبّقٌ في كثير من الدول العالمية وليس بالجديد. وتابع من المفترض تطبيق هذا النظام المهم والحيوي قبل سنين لدينا؛ كونه ركيزة مهمة وأساسية للموظفين، كما أنه سيكون مدفوع التكاليف مسبقاً للزيادة التي ستكون في نسبة الاشتراكات لدى التأمينات الاجتماعية إذا ما تمّ تطبيقه، وبهذا يكون هذا المرتّب الذي سيتمّ صرفه للفرد المتعطل عن العمل مدفوع القيمة من قبل مشتركي المؤسسة. وذكر أن مجلس الشورى لا زال بعيداً كلّ البعد عن احتياجات الموظفين وبحث همومهم ومشاكلهم، وأنه بات ملتصقاً بأمور قد تكون مهمّة ولكنها لا تلامس سقف تطلعات الموظفين والمواطنين بشكل أعم وأشمل، ومن المفترض أن يكون هذا المجلس ناقلاً لصوت المواطن والدفاع عنه، وأن المشروع الأخير – التأمين ضد التعطل عن العمل - الذي وافق عليه المجلس تحسب له كونه من أهم الأمور التي تلامس حياة الأفراد معيشياً. وحول جدّية المتعطل عن العمل في بحثه عن البديل قال إن هذا الأمر من السهولة بمكان، وأن الأنظمة والتشريعات المرافقة لإقرار النظام ستكون لها كلمة فصلٍ في الحدّ من أي تلاعب قد يحدث. شركات التأمين من جانبه اعتبر نائب رئيس مجلس شباب أعمال الشرقية والرئيس التنفيذي لشركة الخدمات العمالية عمر الجريفاني إقرار العمل بنظام التأمين ضد التعطّل عن العمل عاملاً معززاً لتوظيف الكفاءات الوطنية من الجنسين في القطاع الخاص، بالإضافة إلى رفع قيمة شركات التأمين في المملكة ودعم وضعها وتحسين مستوى خدماتها المقدمة ؛ نتيجة وجود المنافسة في قطاع التأمين تزامناً مع دخول شركات التأمين الأجنبيّة للسوق المحليّة والتي ستوفر الأجواء التنافسية الصحيّة اللازمة، بالإضافة إلى تخفيف العبء على القطاع الحكومي نتيجة حدوث الهجرة العكسية للموظفين من القطاع العام إلى الخاص. ونبّه الجريفاني إلى النتائج السلبيّة التي من المتوقع حدوثها عقب إقرار هذا النظام كارتفاع تكلفة الموظف، وارتفاع اشتراكات الشركات والمؤسسات وبالتالي تكلفة الإنتاج والتضخّم. من جهة أخرى وافق مجلس الشورى مؤخراً على مشروع نظام التأمين ضد التعطل عن العمل المكوّن من 29 مادة، حيث يعد التأمين ضد التعطل عن العمل إحدى فروع التأمينات الاجتماعية، والذي يكفل تقديم التعويض للمشتركين المتعطلين عن العمل، ويوفر رعاية العامل فترة تعطله لسبب خارج عن إرادته بتوفير حدٍ أدنى من الدخل، ويلزم مشروع النظام تطبيق أحكامه على جميع العمّال السعوديين المسجلين بالتأمينات الاجتماعية دون تمييز في الجنس شريطة أن يكون سنّ العامل عند بدء تطبيق النظام دون التاسعة والخمسين.