×
محافظة المنطقة الشرقية

الشباب والفتح يستضيفان هجر والفيصلي في افتتاح الجولة الثالثة من دوري جميل

صورة الخبر

جاسر الجاسر حين دعا الملك عبدالله بن عبدالعزيز (ولي العهد حينها) إلى مؤتمر الرياض الدولي لمكافحة الإرهاب عام 2005 مقترحاً إنشاء مركز دولي لهذا الغرض، يبدو أن كثيراً من الدول المشاركة لم تأخذ الأمر بالجدية اللازمة، إما تحفظاً وإما اعتقاداً بأن الإرهاب حصة سعودية فلماذا المشاركة في مشكلة داخلية مع أن الإرهاب كان يتوسع دولياً. سبعة أعوام مضت قبل إنشاء مركز شكلي بضغط سعودي في ما يبدو ولم يخرج إلى الصورة إلا قبل أيام بعد ثبوت أن لا أحد ناجياً من الإرهاب مهما ظن نفسه بعيداً أو محصناً. كانت النبوءة السعودية متقدمة وتفرض حصاراً شاملاً على أي نشاط إرهابي، وتخنقه في مهده مالياً وميدانياً، لكن البلدان التي وقّعت على البيان الختامي عادت وتجاهلت كل شيء، وكأن المؤتمر مجرد إرضاء لنزوة سعودية. خلال أعوام الترقب تحققت الرؤية السعودية لأن 48 بلداً شارك في المؤتمر استحال بعضها إلى بيئات حاضنة حين ظنت الإرهاب لعبة سياسية تحقق أغراضها ولا ترتد إليها. سورية تحولت إلى الجانب الآخر وأصبحت أكبر مركز تجمع للإرهابيين يتحركون فيها بحرية وينشئون إماراتهم من دون ممانعة أو مقاومة. العراق صم أذنيه عن دعوات السعودية للتعاون الأمني طوال أعوام إلى أن أصابته العدوى السورية، ففرخت فيه الجماعات الجهادية وباضت مستفيدة من سياسته الطائفية ورؤيته الضيقة. إيران استنتجت أن الإرهاب سني يستهدف جماعته فقط، فاحتضنت بعض قياداته ووفرت لهم الغطاء من أجل المماحكة السياسية، وسعياً لنفوذ وهمي حتى أيقنت اليوم قسراً أن الإرهاب لا دين له ولا مذهب. السودان تلاحقه التهم بتمرير الأسلحة إلى كل من يريد، وأنه معبر آمن لمن شاء. اليمن في زمن علي صالح لم يبذل جهداً في مكافحته، لأنه يوفر ورقة ضغط ويزيد تدفق المنح، خصوصاً أن القاعدة التي نبتت فيه كانت تصوب سهامها نحو السعودية فقط. تركيا التي تحمست لإسقاط نظام الأسد حيناً من الزمن فتحت معابرها لمرور الجهاديين بطمأنينة قبل أن تفيق على التهديدات الكبرى. الولايات المتحدة تعالت كعادتها لأن يدها طويلة وعيونها راصدة، فضلاً عن نظرتها شذراً نحو السعودية، خصوصاً بعد أحداث 11 أيلول (سبتمبر). بريطانيا نأت بنفسها، لأن مثل هذه الخطوات تجرح ديموقراطيتها العتيدة، وتشجع دولاً استبدادية على التلصص على مواطنين منحتهم الجنسية، ومعها الحق في التعبير عن الرأي من دون ملاحقة حتى وإن كانوا يصنعون أصابع تحمل البندقية لتوجيهها نحو لندن أولاً. في 2005 لم يصدق أحداً السعودية على رغم أن أميركا وبريطانيا وإسبانيا أصابتها سهام الإرهاب، وعلى رغم أن السعودية أنقذت واشنطن عبر رسائل تحذيرية من شحنات وأخطار إرهابية. الفقراء كانوا يريدون ابتزاز هذه الدولة الغنية، متوهمين أن تخوفها من الإرهاب شخصي وليس عاماً، أما المخالفون فكانوا يريدون تخويفها وإجلاسها على مقعد رعب ساخن. لو أن الكبار فقط عملوا بجدية وانفتاح وقتها لما كان العالم يعيش هذا المشهد المرعب، لكن لم يعد مجدياً فتح عمل الشيطان. من يراجع المبررات التي وضعتها السعودية للمؤتمر والخطوات التمهيدية المقترحة يدرك أنها كانت تعرف الخطر ومنابعه، وتفهم جيداً عوامل الحياة والتكاثر للإرهاب، وأنها كانت تقدم للعالم مظلة سلام واستقرار لم يستظل بها أحد. خطاب خادم الحرمين الشريفين الأخير كان يستحضر بمرارة هذا المشروع الرائد، وكيف تم تجاهله حتى آلت الأمور إلى الرعب الحالي الذي أنسى العالم كل المخاطر الأخرى، وانصرف بكليّته إلى العمل والتفكير في كيفية مكافحة الإرهاب والقضاء عليه. مشروع المملكة لمكافحة الإرهاب سبق زمنه كثيراً، ونقل إلى المجتمع الدولي خريطة مستقبلية عجز عن رؤيتها أو حتى تصديقها، وربما أغمض عينيه تجاهلاً، فهل ستكون الصحوة المتأخرة مفيدة أم أن السيف سبق العذل؟ الحياة