×
محافظة القصيم

وفد من لجنة أهالي البكيرية يزور مهرجان صيف الرس 35

صورة الخبر

تخسر «حماس» كثيراً من رصيدها الشعبي والوطني إن هي ظلت سادرة في رعونتها التي تجلت أكثر ما تجلت في طريقة إعدام من سمّتهم «جواسيس» أو «خونة» أو «عملاء». كانت طريقة الإعدام همجية تضاهي ما تدينه «حماس» من ممارسات «داعش» و «القاعدة» و «بوكوحرام» ونظيراتها ممن يختبئون تحت عباءة الإسلام. وإن كانت «حماس» فعلت ذلك تحت إحساس الغضب المستعر من اغتيال بعض قادتها الميدانيين، فذلك لا يعني أن تتجاوز القيم الإنسانية والشروط القانونية والاتفاقات المنسجمة مع شرعة الإنسان، إن أرادت، حقاً، أن تقدم نفسها بصفتها نقيضاً للتوحش والغطرسة والعنف الإسرائيلي. لقد ردت «حماس» بطريقة نتانياهو ذاتها الخارجة عن القوانين، والمفارقة للمنطق، والمستهينة بالذات الإنسانية، فحرمان «حماس» هؤلاء الجواسيس من محاكمة عادلة، وإفساح المجال أمامهم كي يدافعوا عن أنفسهم، وأن يكون لهم محامون، وأن تكون المحاكمة عادلة وشفافة ونزيهة ومُشهرة أمام الناس والإعلام والمجتمع الدولي، حرم «حماس» من فرصة ثمينة كي تقدم البديل الثوري النظيف المضاد لمنطق العصابة الذي يحكم إسرائيل التي لطالما تباهت بأنها الدولة الديموقراطية الوحيدة وسط ديكتاتوريات الشرق الأوسط! الغضب لا يستدعي الرعونة، وإزهاق أرواح أناس ربما يكونون أبرياء أو مشتبهاً بهم أو مغرراً بهم، أو أو...! وربما يكونون متورطين حقاً في العمالة والخيانة وسفك دماء الأبرياء وتهديم المنازل، وجرح الأطفال والشيوخ. وعلى رغم ذلك كان لا بد من الامتثال للقانون. أما أن يجرى تطبيق العدالة الثورية في متنزه جامعة الأزهر، وأمام المسجد العمري بمدينة غزة، من قبل ملثمين، فهذه انتكاسة لا تقدم عليها حركة مقاومة، بل عصابة، أو فصيل يعمل بعقلية المافيا، وتجار الأسلحة، وغسل الأموال. «المركز الفلسطيني للإعلام»، إحدى الأذرع الإعلامية لحماس، صرح بأن «العملاء الذين يتم ضبطهم يقدمون لمحاكمات عسكرية ثورية، يشرف عليها خبراء في العمل الأمني والقضائي». وأشار إلى أن «العمل الأمني الثوري مقرّ قانونياً في كل دول العالم، خلال المعارك والحروب». فلماذا لا تفصح «حماس» عن تلك المحاكمات وأصولها ودفوعات المتهمين، ما دامت أنها متيقنة من عدالة تلك الإجراءات وقانونيتها؟ ثم إن حماس، وفق مشروع المصالحة الفلسطينية، انضوت تحت جناح السلطة الوطنية بقيادة محمود عباس، فلماذا لم يتم إخضاع هؤلاء «الخونة» للقانون الفلسطيني، أم أن المقاومة لها قانونها الخاص، وما الذي يمنع، بعد أن جرى ما جرى، أن تستثمر «حماس» هذه الطريقة لتصفية خصومها السياسيين بذريعة «الخيانة» و «العمالة» والخروج عن «الإجماع الثوري»؟ لقد حققت «حماس» والمقاومة الفلسطينية صموداً مشهوداً بتحدّيها آلة الشيطان الإسرائيلي على مدى شهر، وسطّرت بسالة لا يشك منصفٌ بها، على رغم فداحة الدمار، وعدد الشهداء، والجرحى، والبيوت المهدمة، والأرواح الكليلة التي ستبقى تعاني من ويلات المحرقة في غزة. فلماذا تفرّط المقاومة بكل ذلك لقاء هستيريا نزقة لها صلة بالانتقام الذي ينتسب إلى أحط ما في الإنسان من قيم. وما الرسالة التي تريد أن تبعث بها «حماس» إلى العالم؟ أهذا هو الإسلام الذي تفهمه «حماس»؟ أهذا هو التسامح، وتقديم النموذج والأمثولة؟ هل هذا هو إسلام الرسول الكريم الذي لم يشأ أن ينتقم ممن طاردوه وأخرجوه وصحبه من مكة المكرمة، فحين هاجرت نساء أولئك الظالمين إلى المدينة المنورة تم الإحسان إليهن والرفق بهنّ، على رغم أن بعض أزواجهن نصب الأشواك في درب الرسول، وألقى القمامة عليه؟! فبأي نموذج، وبأية رواية تحتمي «حماس»؟ وإذا كان ما تمّ خارجاً عن إرادة الحركة وفصائل المقاومة، كما دانه موسى أبو مرزوق، فلماذا لم تعتذر «حماس» عما فعلت؟ أم أنها ستفاجئنا في مقبل الأيام بأفعال وممارسات تعكس استئثارها بالنصر الذي سطّره الغزيون، وتجييره لمصالح حزبية، أو أحلاف إقليمية، أو للثأر من مَظلمة عصفت بالإخوان المسلمين؟!ما جرى من إطلاق رصاص على أشخاص، لا نستطيع أن ندينهم أو نبرئهم، يجعلنا نطرح هذه التساؤلات وسواها، ويجعلنا وَجلين من احتمالية أن تغلّب «حماس» الأيديولوجي، والحسابات الحزبية، والاصطفافات الإقليمية على المصلحة الوطنية الفلسطينية، وهو أمر مرهون بالحكمة التي نأمل ألا تغيب مجدداً!