بدأ عمر الحاسي رئيس الوزراء المكلف من المؤتمر الوطني الليبي (البرلمان المنتهية ولايته) مشاورات لتشكيل «حكومة إنقاذ» تضم شخصيات من أنحاء ليبيا، فيما بدا أن تكليف الحاسي تشكيل حكومة منافسة للتي يرأسها الثني، حفز الأخير على تنشيط حكومته، إذ قدم للبرلمان الجديد تشكيلة وزارية لحكومة أزمة تضم 18 وزيراً، أبقى فيها على وزرائه الأساسيين، فيما أفيد أن وزير العدل صلاح الميرغني مصر على تقديم استقالته «لعجزه عن أداء مهماته». واستمع البرلمان المنعقد في طبرق مساء أول من أمس، لاقتراحات حكومة تسيير الأعمال حول إعادة صياغة هيكليتها، كما استمع إلى المشاكل التي تعترضها. وعلمت «الحياة» أن البرلمان يتجه إلى إقرار التشكيلة الحكومية الجديدة. كذلك قرر توجه رئيس البرلمان عقيلة صالح إلى مصر للتشاور مع قيادتها في الخطوات الواجب اتباعها في ضوء مقررات الاجتماع الوزاري لدول الجوار الليبي الذي عقد في القاهرة الاثنين، فيما يتوجه الثني إلى الولايات المتحدة في زيارة تتزامن مع نقاشات يجريها مجلس الأمن اليوم حول الأزمة في ليبيا. وأعلن صالح قبل مغادرته إلى مصر، أن البرلمان بصدد إصدار «قانون مكافحة الإرهاب» خلال أيام، لترجمة قراره إعلان قوات «فجر ليبيا» و»أنصار الشريعة» جماعات إرهابية، بعد سيطرة «الثوار» المناهضين للبرلمان والحكومة على العاصمة طرابلس ومطارها. في الوقت ذاته، اعتبر الثني أن قرار المؤتمر الوطني تشكيل حكومة منافسه باطل، وقال إن رئيس المؤتمر نوري أبوسهمين «أصبح مواطناً عادياً وكل العبث الذي يمارسه لا طائل منه لأنه غير قانوني وغير شرعي من الأساس وإذا كان يريد الانقلاب على الشعب أو تقسيم البلاد هو من معه، عليهم أن يعلنوها بصراحة». ودان الثني تعرض منزله في طرابلس للحرق، بعد سيطرة «فجر ليبيا» على العاصمة. وفي تصريح إلى «الحياة» دعا عز الدين العوامي النائب الأول السابق لرئيس المؤتمر، زملاءه النواب السابقين إلى «احترام أنفسهم والعودة إلى أعمالهم التي كانوا يزاولونها قبل أن يصبحوا أعضاء في المؤتمر، لئلا يكونوا جزءاً من لعبة خلط الأوراق في ليبيا». وأضاف إن المؤتمر «انتهت صلاحيته بمجرد انعقاد أول جلسة لمجلس النواب الجديد كما ينص الإعلان الدستوري». وأكد العوامي أن مجلس النواب الجديد «المنتخب من الشعب هو صاحب الولاية الشرعية في البلاد». من جهة أخرى، واصلت قوات «فجر ليبيا» استعداداتها للتقدم نحو منطقة ورشفانة جنوب غربي العاصمة، وأمهلت أعيان المنطقة ساعات لتقديم مطلوبين متهمين بالولاء لنظام العقيد معمر القذافي، شاركوا في القتال في طرابلس الأسبوع الماضي إلى جانب مقاتلين من الزنتان متحالفين مع اللواء خليفة حفتر، قبل انسحاب هؤلاء من المطار ومقار مختلفة في العاصمة أمام تقدم «تحالف الثوار». إدانة غربية للعنف وفي وقت تستعد السفيرة الأميركية ديبورا جونز للعودة إلى طرابلس، أكدت الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والمملكة المتحدة في بيان، إدانتها لتصاعد العنف في البلاد، وأبدت قناعتها بأن التدخل الخارجي سيزيد من الانقسامات الحالية في ليبيا. وورد في بيان الدول الخمس: «نؤكد من جديد نداءنا ونداء الحكومة الموقتة ومجلس النواب والشعب الليبي، إلى كل الأطراف أن توافق على وقف فوري لإطلاق النار، وتلتزم بشكل بناء بالمسار الديموقراطي، وتمتنع عن المبادرات العدائية التي تهدد بتقويضه». وجددت الدول الخمس دعمها لـ»جهود بعثة الأمم المتحدة في ليبيا في هذا الاتجاه»، وإدانتها العنف خصوصاً ضد المناطق السكنية والمنشآت العامة، من طرفي النزاع، إضافة إلى الغارات الجوية. ورحب البيان بـ «النقاشات حول الوضع السياسي والأمني في ليبيا التي سيجريها مجلس الأمن، بما في ذلك معاقبة من يقوضون أمن ليبيا واستقرارها». ودعا البيان الحكومة الليبية الموقتة ومجلس النواب المنتخب «إلى انتهاج سياسات لصالح جميع الليبيين، وتشكيل حكومة تستجيب لحاجات الشعب الليبي من أمن ومصالحة ورخاء». كما حضت الدول الخمس «الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور على الاستمرار فوراً في إعداد مسودة وثيقة، تحفظ وتحمي حقوق جميع الليبيين». مصر تحذر رعاياها إلى ذلك، جددت وزارة الخارجية المصرية أمس، تحذيرها لرعاياها بعدم السفر إلى ليبيا في ظل الظروف الراهنة حفاظاً على أرواحهم. ونصحت الخارجية المصرية في بيانٍ، المقيمين في ليبيا بتوخي «أقصي درجات الحرص والحذر واللجوء إلي مناطق أكثر أماناً وبعيداً عن مناطق الاشتباكات واستخدام منفذ السلوم للراغبين في العودة» إلى مصر. كما نصحت رعاياها الراغبين في العودة إلى مصر بـ»عدم التوافد في الفترة الحالية إلى منفذ رأس جدير (مع تونس)، قدر الإمكان، حفاظاً على أرواحهم».